رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
لهوُ بالنار!

لا يعرفُ الأطفالُ فى صغرهم أن النار حارقة. وقد يحاولُ هذا أو ذاك منهم الاقتراب منها واللهو بها، فيلحقُه أحدُ من ذويه قبل أن يشعل البيت نارًا. ولكن من يلحق كبارًا يلهون بالنار عندما يشنون حروبًا غير عادلة، أو يتسببون فيها, أو يستهينون بما يمكن أن يؤدى إلى اندلاعها؟

سؤال أُجيب عنه مراتُ لا حصر لها طول التاريخ بما يفيدُ أن أحدًا لا يستطيعُ أن يُثنيهم عن اللهو بالنار حين لا يستطيعون تقدير الأمور. والسؤالُ مطروحُ الآن, للمرة الثانية فى عامٍ ونيف, بمناسبة استهانة مسئولين كبار فى تايوان بالمستوى الذى بلغه التوترُ مع الصين منذ الصيف الماضى، والاتجاه إلى تكرار ما أدى إلى تصاعده. لقاءُ يُراد له أن يجمع رئيسة تايوان تساى إينج وين ورئيس مجلس النواب الأمريكى الجديد كيفين مكارثى، قبل أن تبرد تمامًا نارُ زيارة الرئيسة السابقة لهذا المجلس نانسى بيلوسى إلى تايبيه. ويبدو أن مكارثى استجاب لطلب البيت الأبيض التخلى عن التوجه إلى تايبيه، قبل أن يُطفأ كليًا لهيب زيارة بيلوسى. ومع ذلك تصرُ رئيسةُ تايوان على عقد اللقاء فى واشنطن.

يعرف المسئولون التايوانيون أن توقفهم فى أمريكا فى طريقهم إلى دولٍ أخرى يستفزُ بكين، وإن كان امتناعُ البيت الأبيض والمؤسسات التنفيذية عن الاجتماع بأىٍ منهم يُقلَّلُ التوتر الذى يترتب على «سياسة الترانزيت» هذه. وليس واضحًا بعد بدرجةٍ كافيةٍ كيف تنظرُ أغلبية شعب تايوان إلى ميل قادة الحزب الديمقراطى القومى الحاكم الآن إلى اللهو بالنار. وإذا اعتبرنا الانتخابات المحلية، التى أجريت فى نوفمبر الماضى، معيارًا فربما تكون نتيجتُها مؤشرًا إلى عدم رضا عن سياسة هذا الحزب. فقد حقق الحزب القومى «الكونتانج» تقدمًا، وانتزع رئاسة العاصمة ومعظم المقاطعات.

وإذا صح هذا الاستنتاج، ربما يؤدى فوز «الكونتانج» فى الانتخابات الرئاسية العام المقبل إلى تبنى سياسةٍ مختلفة. يؤيدُ هذا الحزبُ التفاهم مع الصين، ودعم العلاقات معها. ولهذا رحبت بكين علنًا بنتائج انتخابات نوفمبر الماضى. ولكن تحقق هذا الاحتمال لا يعنى إنهاء النزاع، بل خفض حدته ووقف اللهو بالنار إلى حين.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: