رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حول مقال دستور 1923

تلقيت رسالة كريمة من المستشار القانونى المعروف شفيق إمام الذى عمل لسنوات طويلة مستشارًا لمجلس الأمة الكويتى، ثم اختاره الأستاذ محمد جاسم الصقر أول رئيس للبرلمان العربى ليكون مستشارًا للبرلمان الجديد فى سنواته الأولى، وكنت أشغل وقتها منصب نائب رئيس البرلمان العربى ومقره القاهرة، وانقطعت بنا السبل لما يقرب من خمسة عشر عامًا حتى تلقيت رسالة من ذلك القانونى الضليع الذى اهتم دائمًا بالقانون الدستورى فى رحلة عمله الثرية، وأضع أمام القارئ نصًا موجزًا لما يدور حول أهم دستور فى تاريخ مصر الحديثة، يقول المستشار إمام فى رسالته:

لعلى اخترت من بين وظائفك ومناصبك العديدة التى تبوأتها، منصبك فى البرلمان العربى، بحكم الصلة الوثيقة بين هذا المنصب، وبين حديثك على صفحات الأهرام، عن مئوية دستور 1923، باعتباره حارس الديمقراطية فى مصر، حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وباعتباره معبرًا عن الحاجة إلى قيام نظام برلمانى، تكون فيه الأمة مصدر السلطات، وقد جمعنا البرلمان العربى، باعتباره معبرًا عن حاجة الأمة العربية إلى نظام برلمانى يوحد صفوف الشعوب العربية، لكى تكون الوحدة العربية قرار الشعوب وليس قرار الحكومات.

وإذ أشكركم على التذكير بدستور 1923، باعتباره أول دستور فى الوطن العربى، فى أول ديمقراطية رائدة فى هذا الوطن، وإحياء مئويته بهذه المبادرة فى هذا المقال القيم، وأكرر شكرى على دعوتكم إلى جميع من يمتلكون رأيًا فى هذا الدستور، أو فى أى بند من بنوده .

وفى سياق تلبية هذه الدعوة، ربما يكون على رأس المواد التى يجب التعليق عليها هى المادة (48) من دستور 1923، التى تنص على أن «الملك يتولى سلطته بواسطة وزرائه»، وهو أمر طبيعى كذلك لسبب آخر هو ما كان ينص عليه دستور 1923 من أن الملك ذاته مصانة لا تمس فى المادة (33)، فممارسة الملك سلطته بواسطة وزرائه، تبعده عن مسببات التبعة والمسئولية السياسية وهو ما تجرى به الدساتير الملكية جميعًا.

ولعل سبب اختيارى هذا البند من بنود الدستور، التطبيق الصارم للمادة (48) من الدستور، فى استهلال التجربة الديمقراطية فى ظل دستور 1923، وخلاف الحكومة مع الملك فؤاد حول رفض حكومة سعد زغلول تعيين الملك الخمسين من أعضاء مجلس الشيوخ، طبقًا لسلطته المنصوص عليها فى المادة (74) من الدستور، إلا بناءً على عرض مجلس الوزراء، وتم الاتفاق بين الملك ورئيس الحكومة سعد زغلول على تحكيم البارون البلجيكى فان دى روس النائب العام وقتئذ فى هذا الخلاف ، الذى حسم المسألة، بما أتاه من قوله بأن تعيين الخمسين من أعضاء مجلس الشورى يجب أن يكون بناء على عرض مجلس الوزراء، تأسيسًا على أن تولى الملك سلطته بواسطة وزرائه يعتبر أساس النظام الدستورى، لا يحتمل أى استثناء، واذعن الملك لهذا الرأى.

ويسجل التاريخ لحكومة عبدالخالق ثروت أنها رفضت سفر الملك فؤاد إلى أوروبا فى رحلة سياحية، إلا مصحوبًا بوزير خارجيته، وقد ساندها البرلمان فى ذلك، الذى رفض اعتماد مصاريف الرحلة إلا بعد رضوخ الملك لمطلب الحكومة .

ويسجل التاريخ لمصطفى مرعى عضو مجلس الشيوخ استجوابه الموجه للحكومة عن تصرفات المستشار الصحفى للديوان الملكى، والاستجواب الموجه عن الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين التى كان لحاشية الملك فاروق دور كبير فيها، كما أن ما أنفق على الباخرة المحروسة الخاصة بالملك كان موضوع مساءلة سياسية أخرى للحكومة .

هذا غيض من فيض التجربة الديمقراطية فى مصر فى ظل دستور 1923، مع قبول خالص تحياتى وتمنياتى لكم بالصحة والعافية.

المستشار

شفيق إمام

23/1/2023

وإذا كان لنا من كلمات مباشرة تعليقًا على رسالة المستشار المخضرم شفيق إمام فهى استحسان لما ورد فيها وتقدير لكاتبها، وهى رسالة كاشفة عن بعض الجوانب الإيجابية فى التجربة الديمقراطية المصرية التى كانت موازية لنظيراتها فى الدول الأوروبية المتقدمة، لذلك نختلف كثيرًا مع من أشاعوا أن المصريين ليسوا أهلًا للديمقراطية الحقيقية وبنائها المتكامل، ويومًا ما سوف تستعيد مصر الناهضة تقاليد الديمقراطية الصحيحة لتعود قدوة لغيرها فى المنطقة ومنارة للحريات وقلعة يلوذ بها كل من يسعى للنهوض وارتياد طريق المستقبل فى إيمان بالله وبالوطن فى أحضان الأمة الواحدة.


لمزيد من مقالات ◀ د. مصطفى الفقى

رابط دائم: