كلمات حرة
غلاء المعيشة -3

إذا كانت مشكلة ارتفاع تكلفة الغذاء أحد أهم بنود غلاء المعيشة، فإن من المهم فى مواجهتها، ليس فقط العودة إلى حلول وأفكار تقليدية معروفة، وإزالة ما يواجهها من عقبات، وإنما أيضا- وذلك هو الأهم- التفكير فى أفكار وحلول جديدة ومبتكرة، بل وكذلك (وأنا هنا أشدد بقوة) الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى كل أنحاء الدنيا. إن من المهم مثلا إيلاء الأهمية لتشجيع الفلاحين فى مصر ومساعدتهم، ماليا ومعرفيا، على عاداتهم التقليدية فى تربية الطيور المنزلية، والأغنام والماعز، سواء للاستهلاك أو التجارة، وإتاحة أغذيتها وأعلافها ...إلخ غير أن الأهم من ذلك هو الانفتاح على الأفكار الجديدة والمبتكرة لتوفير الغذاء بكل أنواعه. فهناك -مثلا- مشروعات الصوب الزراعية التى اهتمت بها الدولة وكثير من الملاك الأفراد، خاصة فى أراض جديدة. غير أن من أبرز ما لفت انتباهى مؤخرا، مثالين، من مصر وبريطانيا. المثال المصرى، يتعلق بفكرة زراعة أسطح المنازل، والتى طالعت بشأنها دراسة نشرت منذ 16 عاما لمجموعة من أساتذة مركز البحوث الزراعية حول فكرة إنتاج الخضر فوق أسطح المنازل.... حتى يتمكن المواطن العادى من إنتاج غذاء صحى طازج خال من الآثار والملوثات الكيماوية، وخاصة لمحاصيل الخضر والفاكهة، وأيضا للأسماك... مع الحرص على التوعية بعدم استعمال المبيدات الكيماوية....إلخ. ومن الممكن أن توفر هذه الزراعة للأسرة ما يكفيها من غذاء طازج، فضلا عن كونها وسيلة لرفع دخل الأسرة محدودة الدخل، وتوفير فرص للعمل واستغلال الوقت لأصحاب المعاشات وربات البيوت والشباب الصغير وذوى الاحتياجات الخاصة. هذا كلام طيب للغاية... فهل تمت استفادة ملموسة منه..؟ أما المثال البريطانى، وربما الأكثر إثارة، هو استغلال البريطانيين الملاجئ أو المخابئ التى سبق أن حفروها تحت الأرض فى مدينة لندن، فى أثناء الحرب العالمية الثانية، لينزل إليها السكان المدنيون لحمايتهم من الغارات الجوية التى كان يشنها الألمان عليهم! لقد تحولت هذه الملاجئ الآن إلى مزرعة للخضراوات على أيدى اثنين من رجال الأعمال، على نحو مدهش ومثير للإعجاب، باستعمال وسائل تكنولوجية حديثة، فضلا عن قربها من الأسواق الموجودة فوقهم مباشرة!