رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قريباً.. مصر تحتفل بنهاية الإرهاب

وسط أحداث كثيرة وأزمات تهدد استقرار العالم وأمنه وحروب هنا وهناك أصبحت الآن حديث العالم كله، حمل الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين خبرا أسعد الملايين أن مصر سوف تحتفل في الأيام القادمة بانتهاء محنة الإرهاب التي أخذت من عمر المصريين عشر سنوات ما بين آلاف الضحايا من شهداء الجيش والشرطة، هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم من أجل أمن مصر واستقرارها..

ــــ وكانت المفاجأة الثانية أن الرئيس السيسي أكد أن مصر ستقيم احتفالية كبيرة بهذه المناسبة علي أرض سيناء التي شهدت المعارك وسال علي ترابها دم الشهداء، وأن الاحتفالية سوف تقام في العريش ورفح والشيخ زويد.. ولا شك أن اختيار المكان في هذه المناسبة الوطنية والتاريخية يحمل دلائل كثيرة أنه تقدير من مصر للأماكن التي شهدت المعارك والتضحيات.. وهو رسالة عرفان لشعب سيناء وقد دفع ثمنا غاليا في سبيل أمن مصر واستقرارها, وقبل هذا فهو تأكيد أن سيناء قد عادت إلي وطنها كريمة آمنة محررة..

ــــ لاشك أن رسالة الرئيس السيسي للشعب المصري في هذه التحديات الصعبة كانت تقديرا وعرفانا لجيشها العظيم وشرطتها الباسلة في محنة فرضتها الظروف، والأحداث ودفعت مصر ثمنها مالا واستشهادا وأمنا وسلامة.. سوف تكون مناسبة لتكريم قيادات وأبطال الجيش والشرطة وأهالي سيناء الذين تحملوا أعباء هذه المحنة, وأن تستكمل مؤسسات الدولة مشروعات تنمية سيناء في كل المجالات الاقتصادية والخدمية.. ولا شك أن نهاية محنة الإرهاب سوف تفتح آفاقا جديدة أمام مصر من أجل استكمال برامجها في التنمية والتقدم والبناء، وهنا يبدو أمامي عدد من القضايا التي ينبغي أن تكون لها أولوية خاصة..

> الأولى : هناك قضية مهمة وهى استكمال بناء الإنسان المصري وقد تكون محنة الإرهاب قد تركت آثارها علي جوانب كثيرة في حياة المصريين ومن أخطرها إعادة الانضباط في سلوكيات الناس أمنا واستقرارا.. إن مسلسل الجريمة يحتاج إلي وقفة جادة وحاسمة فقد اتسع مداها ووصلت إلي الأسرة، لابد أن نعترف أن أخلاقيات المصريين لم تعد كما كانت، وهذا يتطلب نظرة لما شهدته الشخصية المصرية من تغيرات تكوينا وسلوكا وأخلاقا.. إن الأسرة المصرية والعلاقات بين أفرادها وقضايا الزواج والطلاق وانتشار المخدرات كل هذه الظواهر تتطلب تنسيقا بين الدولة ومؤسساتها المسئولة والمجتمع المدني والمدرسة والمسجد والكنيسة والأزهر.. إن ما شهدته الشخصية المصرية من تغيرات حادة يحتاج إلي وقفة سريعة لاستعادة ثوابتها وتوازنها..

> الثانية : في تقديري أن هناك ثلاث قضايا تحتاج إلي دراستها بكل العمق والمسئولية وهى، التعليم بكل مراحله، والصحة بكل التزاماتها، والبطالة بكل أعبائها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.. هذه القضايا لابد أن تكون لها أولوية، وفي قضية التعليم فإننا نحتاج إلي مراجعة شاملة لكل ما شهده هذا القطاع المهم في السنوات الماضية ما بين مجانية التعليم وما آلت إليه أحوالها والتعليم الخاص والجامعات الخاصة والجامعات الأهلية ومؤسسات الدولة.. كل هذه الجوانب تحتاج إلي مراجعة.. وفي الصحة أقترح إقامة مؤتمر لتقييم ما حدث من تغيرات سلبا وإيجابا علي أحوال الصحة، فإن هناك مشروعات كبيرة للخدمات الصحية مثل فيروس سى وتوابع كورونا والسرطان والخدمات الصحية في الريف والمستشفيات الخاصة، سواء كانت ملكا للمصريين أو الأجانب الذين قاموا بشراء مستشفيات في مصر.. تبقي بعد ذلك قضية البطالة وهي عبء ثقيل علي الأسرة المصرية وإلى جانب دور الدولة في علاج قضية البطالة, فيجب على قطاع رجال الأعمال أيضا أن يتحمل مسئوليته في توفير فرص العمل للملايين من الشباب.

> الثالثة : هناك قضية تشغلني كثيرا وهي دور مصر الثقافي وهي ظاهرة واضحة نشعر بها جميعا ابتداء بتراجع الثقافة في حياة المصريين إبداعا وفنا وأخلاقا وسلوكا وأسلوب حياة.. إن اهتمام الدول العربية الشقيقة بالثقافة لا يزعج أحدا، لأنه يخدم الثقافة العربية ومصر كانت وستبقي صاحبة الريادة فيها ودورها غير قابل للتوريث.. والغريب أن كل ما تشهده الساحة من متغيرات مازال يقوم علي الفنانين المصريين قد لا يرحب بهم كما ينبغي، ولكنهم حتي الآن يتصدرون المشهد.. إلا أن هذا لا يمنع أن يكون الإنسان قلقا علي دور مصر الثقافي، خاصة أن الثقافة لم تعد في صدارة الأولويات في حياة المصريين.. فقد تراجعت فنون كثيرة في الغناء والسينما والمسرح ووسائل الاتصال، وقبل هذا تراجع مستوي الإبداع والمواهب ولغة الحوار.. إن عودة الدور الثقافي المصري يتطلب اهتماما أكثر من الدولة بكل مؤسساتها تعليما وثقافة وفكرا ومالاً، وأن تتاح الفرص للمواهب الحقيقية دون مجاملات .. وقبل ذلك كله أن يعود اهتمام الأسرة والمدرسة والجامعة بأهمية الثقافة ودورها في حياة المجتمعات..

> الرابعة : جاء الوقت لكي نواجه كارثة التطرف بعد أن عانينا سنوات من محنة الإرهاب، وأن نعالج موجات الخلل التي أصابت عقول بعض شبابنا، وأن نبدأ حوارا موسعا يتناول كل قضايانا بكل الحرية والأمانة.. وأن نسمع ما يدور في عقولهم من أفكار وهموم لأنهم أصحاب المستقبل، ويجب أن نتخذ من محنة الإرهاب بابا لاستعادة شبابنا الذين سقطوا ضحايا هذه الكارثة، خاصة هؤلاء الذين لم يتورطوا في أعمال إجرامية.. إن المجتمع كل المجتمع حكومة وشعبا لا بد أن يضع خطة لمواجهة فكر الإرهاب حتي لا تتكرر الكارثة، ولابد أن نصل إلي الأسباب ونعمل علي علاجها والظروف التي ظهرت فيها، والمناخ الذي أدي إلي شطط العقول وانحرافها.. ولا أعتقد أن هناك طفلا ولد إرهابيا، ولهذا يجب أن ندرس أسباب الظاهرة، لقد نجحت الحلول الأمنية في مواجهة محنة الإرهاب حتي وإن كنا دفعنا الثمن، إلا أننا يجب أن نصل إلي جذورها لاقتلاعها فكرا وسلوكا وأسبابا.. خاصة أن أسبابها كانت أمراضا بدأت بغياب الوعى والأمية وإسقاط قيمة الحوار.

> الخامسة : أتمني أن يكون مؤتمر الحوار الذي تشهده مصر قريبا بداية لمرحلة جديدة نطرح فيها قضايانا بكل الوضوح والصراحة وأن يخصص الوقت المناسب لمناقشة أسباب الإرهاب، وأن تشارك في الحوار مجموعات من الشباب بكل موضوعية.. نحن أمام مناسبة ينبغي أن يفرح بها كل مصرى، وأن تكون بداية حلم جديد لوطن أكثر حرية وأمنا وكرامة ..

ــــ قد تكون احتفالية نهاية محنة الإرهاب من أهم المناسبات التى تعيشها مصر فى الفترة المقبلة.. إن مصر الأمن والسلام والاستقرار والتعاون كانت دائما بعيدة عن كل هذه الأعمال الإجرامية، وكان المصريون شعبا متآلفا لا يعرف العنف ويقدر الفكر والوعى والوسطية، وكان الدين من أهم مقومات الشخصية المصرية، ولهذا لابد ان نبدأ رحلة جديدة لإعادة المفاهيم الصحيحة إلى مسارها وثوابتها وأن نتخلص من موجات الشطط فى الفكر والسلوك، وأن نعيد لأجيالنا الجديدة إيمانها الصحيح المتوازن فى لغة الحوار وموضوعية الفكر وسماحة العقيدة..

 

..ويبقى الشعر

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ..

ومازلتُ اسألُ : هل من دليلْ ؟!!

أحاولُ أن أستعيدَ الزمان

وأذكر وجهى...

وسُمرة َجلدى...

شُحوبى القليل...

ظلالُ الدوائرِ ِفوق العيونْ

وفى الرأسٍ يعبثُ بعضُ الجنونْ

نسيتُ تقاطيعَ هذا الزمانْ

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ..

<<<

عيونى تجمَّدَ فيها البريقْ..

دَمى كان بحرًا..

تعثر كالحلمِ بين العروقْ..

فأصبح بئرًا..

دمى صار بئرًا

وأيامُ عمرى حطامٌ غريقْ..

فمى صار صمتًا.. كلامى مُعادْ

وأصبح صوتى بقايا رمادْ

فما عدتُ أنطقُ شيئا جديدا

كتذكار صوت أتى من بعيدْ

وليس به أىُّ معنى جديدْ

فما عدتُ أسمع غيرَ الحكايا

وأشباحُ خوف برأسى تدورْ

وتصرخُ فى الناسِ

هل من دليلْ ؟؟

نسيتُ ملامح وجهى القديم

<<<

لأنَّ الزمانَ طيورٌ جوارحْ

تموتُ العصافيرُ بين الجوانحْ

زمانٌ يعيش بزيف ِالكلامِ

وزيف ِالنقاءِ ... وزيف المدائحْ

حطام ُالوجوه على كل شىءٍ

وبين القلوب تدورُ المذابحْ

تعلمتُ فى الزيف ألا أبالى

تعلمتُ فى الخوفِ ألا أسامحْ

ومأساةُ عمرى.. وجه قديمْ

نسيتُ ملامحَه من سنينْ

<<<

أطوفُ مع الليلِ وسط الشوارعْ

وأحملُ وحدى همومَ الحياهْ

أخاف فأجرى.. وأجرى أخافُ

وألمحُ وجهى.. كأنى أراهْ

وأصرخ ُفى الناسِ هل من دليلْ؟!!

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ

<<<

وقالوا..

وقالوا رأيناكَ يومًا هنا

قصيدةَ عشقٍ ٍهوتْ.. لم تَتمْ

رأيناكَ حلماً بكهفٍ صغير

وحولكَ تجرى.. بحارُ الألمْ

وقالوا رأيناكَ خلف َالزمانِ

دموعَ اغترابٍ.. وذكرى ندمْ

وقالوا رأيناكَ بين الضحايا

رُفاتَ نبىًّ مضى.. وابتسمْ

وقالوا سمعناكَ بعد الحياةِ

تُبشَّر فى الناسِ رغم العدَمْ

وقالوا..وقالوا.. سمعتُ الكثيرْ

فأين الحقيقةُ فيما يقالْ ؟

ويبقى السؤالْ..

نسيتُ ملامح وجهى القديمْ

ومازلتُ أسألُ.. هل من دليلْ ؟!!

مضيتُ أُسائل نفسى كثيرًا

تُرى أين وجهى.. ؟!!

وأحضرتُ لونًا وفرشاةَ رسم ٍ..

ولحنـًـا قديمْ

وعدتُ أُدندنُ مثل الصغارْ

تذكرتُ خَطـًا

تذكرتُ عينـًا

تذكرتُ أنفـًا

تذكرتُ فيه البريقَ الحزينْ

وظلٌّ يدارى شحوبَ الجبينْ

تجاعيدَ تزحفُ خلفَ السنينْ

تذكرتُ وجهىَ

كلَّ الملامح.. كلًَّ الخطوطْ

رسمتْ انحناءاتِ وجهى

شُعيرات ِرأسى على كل بابْ

رسمتُ الملامحَ فوق المآذِنِ..

فوق المفارقِ..بين الترابْ

ولاحت عيونىَ وسط السحابْ

وأصبح وجهى على كلَّ شىء

رُسومًا..رُسومْ

ومازلتُ أرسمُ.. أرسمُ.. أرسمْ

ولكنَّ وجهى َما عاد وجهى..

وضاعت ملامحُ وجهى القديمْ.

قصيدة «وضاعت ملامح وجهى القديم سنة 1983»

[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها ــ فاروق جويدة

رابط دائم: