زيارة الرئيس السيسى الحالية للهند للمشاركة فى احتفالاتها بيوم الجمهورية (أى ذكرى إعلان العمل بالدستور هناك فى 26 يناير1950) تستدعى عندى كثيرا من الخواطر والانطباعات عن الهند، التى سبق أن زرتها أكثر من مرة! إن عبارة «إنت فاكرنى هندى».. كانت من العبارات الشائعة، ليس فقط عندنا وإنما أيضا فى أماكن كثيرة من العالم... والتى توحى ربما بالتقليل من شأن الهنود.. ولكن ذلك يتناقض بشكل فادح مع حقيقة أن الهند تقدم الآن نموذجا رائعا للتقدم والرقى جديرا بالتعلم والإفادة منه، بسكانها البالغ عددهم 1٫4 مليار نسمة (محتلة بذلك المرتبة الثانية فى عدد السكان فى العالم بعد الصين)! لقد وقعت الهند لسنوات طويلة تحت الاحتلال البريطانى الذى استغل ثرواتها الهائلة، وعرفت بأنها درة التاج البريطانى. ولكن من الحقيقى أيضا أن الهنود تعلموا من الإنجليز ثلاثة أشياء: فن الإدارة، والديمقراطية، ثم اللغة الإنجليزية التى أسهمت فى التغلب على مشكلة التعدد اللغوى هناك. وكانت تلك قطعا دروسا مهمة مكنت الهند من التقدم الحثيث فى كل المجالات. إن الهند اليوم قوة نووية، وهى أيضا قوة فضائية، لها الآن مئات الأقمار الصناعية، ولديها خططها الطموحة لاستكشاف الفضاء. أيضا يحتل الشبان الهنود النسبة الأكبر من الوظائف والوظائف القيادية فى وادى السيليكون بالولايات المتحدة والذى يضم أهم شركات التكنولوجيا فى العالم، مثل ميكرو سوفت وآى بى وأدوب... إلخ وكذلك وظائف البرمجة... خاصة مع اتسامهم بأخلاقيات العمل الجاد. ولقد سهل من اندماج هؤلاء فى مجالات التكنولوجيا الأمريكية، ليس فقط تحدثهم الإنجليزية بطلاقة، وإنما أيضا تركيز التعليم فى الهند على الرياضيات والعلوم. وأخير، علينا ألا ننسى التاريخ المشرف للعلاقات المصرية ــ الهندية المعاصرة. لقد كانت للزعيم الهندى غاندى علاقاته الوثيقة بمصر، وكان شديد الإعجاب بسعد زغلول وتواصل بعد وفاته مع صفية زغلول. وسار جمال عبدالناصر على نفس المنوال، وتوطدت صداقته بالزعيم الهندى جواهر لال نهرو، وشاركه (مع الرئيس اليوجوسلافى جوزيف بروز تيتو) فى بناء حركة الحياد الإيجابى وعدم الإنحياز فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى. إنه تاريخ مشرف، يشكل أساسا متينا لعلاقات الصداقة والتعاون اليوم بين مصر والهند!.
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: