الحرب الدائرة التى تتصدرها حتى الآن روسيا وأوكرانيا هى أول حرب كبرى فى التاريخ يُتاح للعالم متابعتها على الهواء، مع الزيادة النسبية للمتعلمين والمهتمين بأكثر كثيرا مما سبق، بما يكفى لتبين التفاوت بين ما يُقال من كل أطراف الصراع وبين ما يجرى على الأرض، ولإدراك احتمالات الخطر الرهيب لو أفلت الزمام، ولم يعد هنالك جدل حول الأثر السلبى الذى يتعاظم مع استمرارها، على الجميع، حتى من ليسوا أطرافاً فيها، بما يلزم من يظنون أنهم بمنأى بأن يدرسوا الاحتمالات جيدا التى منها ما يُرَجِّح بشدة أن الحرب ستطول، أى أن أزماتها مستمرة وقد تتفاقم أكثر! ففى الوقت الذى كانت روسيا تجاهر بميزتها بأنها تصنع سلاحها بنفسها، فقد أعلن داعمو أوكرانيا أنهم سيوفرون لها مدداً كبيراً، وراحت العراقيل بين هذه الجبهة تُسوَّى بسرعة، فقد غيرت ألمانيا خطابها فى أيام قليلة، من رفضها أن تورد بولندا دبابات ألمانية إلى أوكرانيا، لأن تعاقد ألمانيا مع بولندا يلزم الأخيرة بألا تتنازل عنها لطرف ثالث إلا بموافقة ألمانيا، ولكن سرعان ما غيرت ألمانيا خطابها ثم سياستها، وصارت تعلن أنها لا تمانع فى تمرير دباباتها من طرف ثالث إلى أوكرانيا، كما أنها ستمد أوكرانيا بنفس الدبابات، وهذا بالتوازى مع موقف أمريكا أنها ستمد أوكرانيا بدبابات أمريكية، وأعلنت أوكرانيا أنها تطمح بعد الدبابات أن تحصل على صواريخ وطائرات.
أما روسيا، فمن سياستها فى الحرب النفسية ألا تُبدِى انزعاجا من كل هذا، وأضافت توعدها بإحراق كل سلاح يأتى إلى أوكرانيا على أرض المعارك، وهدَّدت من عواقب استخدام اليورانيوم فى قذائف الدبابات الحديثة التى ستُرسَل إلى أوكرانيا، وقالت إنها ستعتبر هذا استخداما للقنابل النووية القذرة، وأن هذا سيلوث البيئة كما حدث فى يوغوسلافيا والعراق. وهو تهديد ينطوى على تلميح لما أعلنته سابقا عن عقيدتها النووية. أما اختلاف وسائل الإعلام الكبرى فى انحيازاتها لكل طرف، فتظهر فى التركيز على ما يدعم خطها وإغفال ما عداه، ومن الحالات الكثيرة، أن تتوسع فى نشر أخبار التظاهرات فى ألمانيا المعادية لسياسة حكومتها فى التورط فى الحرب، ولا تولى اهتماما بمناداة اتجاه آخر للحكومة بمزيد من التصدى للروس!.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: