رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ثورة يناير 2011.. ودور القوات المسلحة

مصر... هى صانعة الحضارة ... وصاحبة الثورات... وحراك الشعب المصرى هو الذى أبقى على تماسك نسيجها الوطنى... ورغم تعرضها عْبر تاريخها العريق لكثير من الأزمات والحروب فإنها تمتلك على الدوام مقومات تجاوزها والخروج منها منتصرة... يتسم سلوك شعبها عندما يغضب بالثورات السّلمية البيضاء النابعة من إرثه الحضارى الذى يحمل معانى المقاومة والتضحية... جيشها تربى على الوطنية... قواتها المسلحة وهى من نسيج هذا الشعب ورائدة انتصارات أكتوبر العظيم بعيونها السّاهرة لحماية أمن مصر ظلت ايضاً مساندة لثورة / انتفاضة يناير 2011 ملتزمة فى نفس الوقت بالشرعية ولا تنقلب عليها...

ومع مطلع عام 2011... كانت كل التقديرات تشير إلى أن مصر قادمة نحو تغييرات جذرية تؤدى إلى عواقب قد تطيح بالنظام... كما أن سوء إدارة الأزمة كمردود رئيسى لسوء إدارة الدولة ساعد على قيام هذه الانتفاضة… بدأت أحداث هذه الثورة/ الانتفاضة سلمية صباح يوم 25يناير 2011 وقبلها يوم 23يناير مع ذكرى الاحتفالات بعيد الشرطة... وفى اليوم التالى 26يناير اتسع نطاق هذه التظاهرات بمشاركة شعبية فى كثير من المحافظات ووقعت مصادمات بين المتظاهرين والشرطة... وفى نفس الوقت بدأت أعمال تخريب متعمدة من أفراد خارجين على القانون... وتبادلت الشعارات المطالبة بإسقاط النظام. خاصة بعد انسحاب قوات الشرطة نتيجة لإرهاقها فى أثناء تصديها للتظاهرات خلال الأيام السابقة مع اقتحام أقسام الشرطة ومهاجمة السجون وهروب آلاف المساجين منها... إلى جانب حرق المحاكم والكنائس ومقار الحزب الوطنى ونهب المتحف القومى وتدنيس المساجد... مما اضطر رئيس الدولة إلى اتخاذ قرار بتدخل القوات المسلحة لحفظ الأمن... وإذا استعرضنا تسلسل وخطوات تنفيذ القوات المسلحة دورها فى حماية هذه الثورة... نجد أن القيادة العامة مع تصاعد الأحداث (وقبل تدخلها) قدّرت مسبقاً احتمال استدعائها للتدخل فى أى وقت... فاتخذت قرارها المبدئى المسْبق بالوقوف إلى جانب الشعب الذى آزرها فى حروبها السابقة مع رفض استخدام العنف ضده... ثم على الفور تم رفع درجات استعداد القوات المشتركة فى الخطة وفى نفس الوقت تم وضع سيناريوهات تدخلها المحتمل...

ثم... بمجرد تدخلها... اتخذت القوات المسلحة عدداً من الإجراءات لحماية الثورة... نذكر منها... على سبيل المثال وليس الحصر:

إجراءات لاستقطاب رموز وطنية وسياسية من أجل العمل على إنجاح مهمتها فى حماية الشرعية الدستورية طبقاً لإحدى مهامها المحددة فى دستور الدولة. إجراءات خاصة بالتغطية الإعلامية من أجل التهدئة وليس إشعال المواقف. تحولت مفارز العمل المعنوى المدفوعة من إدارة الشئون المعنوية إلى المعايشة الكاملة مع الجماهير وهم يرتدون الزى العسكرى فاكتسبوا ثقتهم. ناشدت القوات المسلحة المواطنين فى كثير من بياناتها التى أصدرتها عبْر وسائل الإعلام لدعم جهودهم فى التصدى للخارجين على القانون وللقبض على المساجين الهاربين... وكانت هذه النداءات والبيانات بداية لتكوين اللجان الشعبية فى جميع المحافظات.

تكثيف إجراءات تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس... وكذا منصات البترول والغاز بالبحر المتوسط وجزر البحر الأحمر وباقى الأهداف الحيوية. فتح المستشفيات العسكرية لعلاج المصابين من المدنيين...الخ... ثم تطورت الأحداث... إلى أن جاء مساء يوم 10فبراير 2011 حيث ألقى الرئيس الأسبق حسنى مبارك خطاباً أعلن فيه استقالته... ثم أعلن نائب الرئيس اللواء عمر سليمان تخلى الرئيس عن السلطة، مع تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد... وعندئذ كانت أهم قرارات المجلس عقب تكليفه بتولى السلطة تتلخص فى الآتى: إرساء دعائم الدولة المدنية وعلاج السلبيات الموروثة عن النظام السابق... ورعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة وتأمين مسار العملية الديمقراطية والانتخابات البرلمانية والرئاسية. وعلى نمط شعار: «يد تبنى ويد تحمل السلاح» كان أداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتعويض ما تعطل من وسائل الإنتاج على مستوى الدولة...

واستمرت القوات المسلحة فى تنفيذ إجراءات التأمين والوجود فى الشارع المصرى المصرى مع عدم استخدام العنف فى مواجهة التظاهرات، والاستمرار فى دعم قوات الشرطة للعودة لتنفيذ مهامها تدريجياً وأمدتهم بالأسلحة مع الوجود معهم فى أقسام الشرطة. وتحمل أفراد القوات المسلحة الكثير من النداءات والتصرفات غير المسئولة والمدبرة من بعض المتظاهرين... مع تمكنهم من إيقاف مخططات التيارات الإسلامية التى كادت تقود البلاد إلى حرب أهلية.

ولم تمض أسابيع قليلة تأكدت فيها الثقة بين الشعب والجيش إلا وبدأت أياد خفية تشعل النيران للقيام بثورة مضادة تبدأ بكسْر العلاقة بين الشعب وقواته المسلحة وإهدار هيبة القضاء ومنع الشرطة من استعادة عافيتها، وقد انكشفت تلك الأيادى الخفية فيما بعد كونها تنفيذاً للمؤامرة التى شارك فيها «الإخوان المسلمين» وصاغتها الولايات المتحدة الأمريكية فى نطاق ما سمّى فى ذلك الوقت بالشرق الأوسط الكبير... فتعددت الاعتصامات والمطالب الفئوية وتعطيل الإنتاج وتعاظم دور التيارات الإسلامية التى استغلت الروح الديمقراطية التى أعلنها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مع تصاعد نطاق الفتنة الطائفية وحرق الكنائس... وعلى الرغم من ذلك تمكنت القوات المسلحة بفضل من المولى سبحانه وتعالى من الوصول بالدولة إلى بر الأمان. إن الجهد الذى بذله المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية يعد جهداً فريدا من نوعه حقق فيه تماسك الجبهة الداخلية وإيقاف مخططات التيارات الإسلامية (التى كادت تقود الدولة نحو حرب أهلية) كما حقق الكثير من أهداف الثورة وأهمها الانتقال الأمنى للسلطة وتسليمها إلى رئيس منتخب بأسلوب حضارى فى معسكرات الهايكستب يوم 30 يونيو 2012.


لمزيد من مقالات لواء أ. ح. م. مسعد الششتاوى

رابط دائم: