هناك ظاهرة التشويش الذى قد يستفزّ على السوشيال ميديا، خاصة فى المادة التى يسعى أصحابها عمداً إلى نشر أكاذيب وشائعات وآراء ساذجة، فإضافة إلى المؤامرات المخططة، فإن بعض المادة تبدو مرتجلة وتكشف بوضوح عدم دراية القائل بالموضوع الذى يفتى فيه، مع جسارته فى الاقتحام! وأما ما يستحق الأولوية أكثر من غيره، ففى المادة المفضوحة شديدة البطلان التى تجد قبولاً وتفاعلاً من آخرين، فيقومون بدور شاهد الزور، بتأكيدهم صحة الباطل، وبعرضهم حججاً مؤيدة لا تقل بهتاناً عما هو مطروح!
مكن الاكتفاء بمثلين اثنين من الأمثلة اليومية الكثيرة: الأول فى استنكار أحدهم أن يُطلَق اسم الدكتورة سميرة موسى على أحد الكبارى، ويقول إن عليها أن تعود إلى مكانها فى المطبخ! وكان الطبيعى أن يرد عليه كثيرون بعنف ويفضحون جهله بسميرة موسى ويشرحون له عبقريتها العلمية ودورها فى الريادة النسائية باختراق مجالات علمية كانت حكراً على الرجال، وأنها أثبتت كفاءتها ومكانتها فى أمريكا قبل أكثر من 70 عاماً..إلخ. والمثل الآخر انتقد فيه أحد المدونين بجسارة غير عادية مشروع المونوريل، وركز هجومه على ارتفاع الأعمدة، وأكد أن هذا تبديد للأموال فى استخدام حديد وخرسانة زيادة على الحاجة! ولا يدرى أحد من أين يستمد الثقة فى صحة رأيه بأنه كان من الأفضل أن ينخفض ارتفاع الأعمدة، وراح يزيد فى الفوائد التى يطرحها فى ثقة، ولا يهتز من أن القائمين على المشروع متخصصون، بالدراسة والخبرة، وأن لهم سابق أعمال ناجحة أكثر تعقيداً.
لقد وفرَّت شبكة الإنترنت منبراً ليعلن فيه هؤلاء آراءهم للآخرين فاهتبلوا الفرصة، ولكنهم لم يسعوا إلى الاستفادة من إمكانات خرافية أتاحتها الإنترنت، بإمكان سؤال أحد محركات البحث عن أى شئ فيردّ عليه فى بضع ثوان، بالتفاصيل الكافية لتدقيق معلومات أساسية تقيه من الوقوع فى أخطاء فادِحة مخزية.
لم تخترع الإنترنت هذه الأفكار ولم تشارك فى تشكيل هذه العقليات، ولكنها كشفتها للرأى العام، وهى مادة وفيرة ينبغى أن تستفيد منها الأجهزة الرسمية ومراكز الأبحاث والدراسات، للارتقاء الاجتماعى بمعرفة طبيعة هذه الأفكار وأسباب وجودها، ومدى تفشيها، ولدى أى فئات، وكيفية علاجها..إلخ.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: