اجتهادات
بين الصورة والواقع

كثيرًا ما يختلفُ الواقع عن الصورة التى نرسمها فى أذهاننا. ويحدث ذلك الآن بشأن اليمين الراديكالى، الذى يُسميه كُثُر متطرفًا، فى أوروبا. يُعتقدُ فى كثير من الأوساط أن هذا اليمين صار غالبًا فى القارة العجوز. ويُعزَّز هذا الانطباع تقدم حزب ديمقراطى السويد إلى المركز الثانى فى الانتخابات السويدية قبل أيام، والفوز المتوقع لحزب «إخوة إيطاليا» بالمركز الأول فى انتخابات 25 الشهر الحالى، خاصةً بعد التقدم الإضافى الذى حققته مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية أبريل الماضى.

غير أن حالة إيطاليا هى الأولى التى ربما يُحقَّق فيها اليمين الراديكالى هذا الاختراق، منذ تراجع حزب الحرية فى النمسا وخروجه عام 2019 من أول ائتلاف حكومى شارك فيه بقيادة حزب الشعب المحافظ.

وباستثناء إيطاليا, إذا صحت التوقعات القوية بشأن الانتخابات الوشيكة، مازال يمينُ الوسط والاشتراكيون على رأس الحكومات الأوروبية كلها. وتميل الكفةُ نسبيًا لمصلحة يمين الوسط المحافظ، إذ تتصدر أحزابه عددًا أكبر من الحكومات معظمها فى الشرق مثل حزب العدالة والقانون فى بولندا، والحزب الديمقراطى المدنى فى تشيكيا، وحزب الشعب فى سلوفاكيا، وحزب الاتحاد المدنى «فيديس» الذى يمثل مزيجًا من يمين الوسط واليمين الشعبوى فى المجر. أما فى غرب أوروبا، فيتصدر يمين الوسط الحكومات فى اليونان (حزب الديمقراطية الجديدة)، وقبرص (حزب التجمع الديمقراطي)، وهولندا (حزب الشعب)، وبلجيكا (حزب الليبراليين الفلمنكيين)، فضلاً عن فرنسا بطبيعة الحال حيث حزب النهضة ورئيسه إيمانويل ماكرون.

أما الاشتراكيون فتقود أحزابهم الحكومات فى ألمانيا (الحزب الديمقراطى الاشتراكي)، وإسبانيا (حزب العمل الاشتراكي)، والبرتغال (الحزب الاشتراكي)، ودول شمال أوروبا حيث الحزب الديمقراطى الاشتراكى فى الدنمارك، وحزب العمال فى النرويج، والحزب الاشتراكى فى فنلندا.

وبخلاف إيطاليا، حيث يمكن توقع نتيجة الانتخابات الوشيكة فيها، يبدو الموقف غامضًا فى بلغاريا حيث تُجرى فى 2 أكتوبر المقبل انتخاباتٍ مبكرةً هى الرابعة خلال أقل من عامين، بعد سحب الثقة فى يونيو الماضى من حكومة قادها حزب «نواصل التغيير» اليمينى وسط أجواء عدم استقرار حكومى وبرلمانى مستمر منذ أواخر 2020.