رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
العربيةُ فى معركةٍ أمريكية

(بصفتى فنانًا وجدتُ أن اللغة العربية جميلة)0 قائلُ هذه العبارة ليس واحدًا من أهل لغة الضاد الذين يتبارى بعضهم فى استخدام غيرها فى تعليم أبنائهم، واختيار أسماء لشركاتهم ومحلاتهم، فضلاً عن الرطانة بلغاتٍ أخرى فى غير محلها, لادعاء الرقى والتحضر.

الشاب الأمريكى تشانز ستيفنز هو من قال هذه العبارة فى خضم حملةٍ ينظمها للاعتراض على تشريعٍ سنه الكونجرس فى ولاية تكساس لإلزام مؤسسات التعليم بأن يُعلق كلُ منها فى مكانٍ واضح ملصقًا مكتوبًا عليه (نحن نثق فى الله)، وهى العبارةُ المكتوبةُ فى العملة الأمريكية0 وقد بدأ شيوعُ هذه العبارة فى نطاقٍ واسع, على الأرجح إذ تتعددُ الروايات, عقب استخدامها من جانب أنصار الاتحاد خلال الحرب الأهلية لرفع الروح المعنوية لجنودهم، إذ يؤدى الدين دورًا لا يُضاهى فى أوقات الحروب والأزمات الكبرى.

يرفض ستيفنز، فى الأصل، إقحام الدين فى المؤسسات التعليمية كافة، ويرى أنه يخالفُ الأساس العلمانى الذى يقوم عليه النظام السياسى الأمريكى. وأثار اعتراضه هذا جدالاً ساخنًا امتد إلى ولاياتٍ أخرى حول ما إذا كان فى إصدار ذلك التشريع تجاوزُ لصلاحيات الكونجرس من عدمه. واستند مؤيدو التشريع على أن الدستور الأمريكى لا يحظرُ استخدام شعارات دينية، وأن كل ما يمنعه هو إصدار قوانين تضفى الصفة الرسمية على دينٍ ما، أو يعوقُ الممارسة الحرة لشعائر أى دين، وفقًا للتعديل الأول الصادر فى ديسمبر 1791.

ويبدو أن ستيفنز أدرك صعوبة إلغاء هذا التشريع، والوقت الطويل الذى يتطلبه الطعنُ عليه، فأخذ حملته فى اتجاهٍ ثانٍ عبر الاعتراض على أن يكون الملصقُ مكتوبًا باللغة الإنجليزية فقط فى بلد ينحدرُ مواطنوه من أصولٍ متعددة0 واستند على أن نص التشريع لا يُحدد اللغة المستخدمة فى الملصقات التى يُلزمُ المدارس بتعليقها, ولا يمنعُ بالتالى كتابتها بلغاتٍ أخرى. واقترح أن تكون البدايةُ باللغة العربية، ونظَّم حملةً لجمع تبرعات لإعداد ملصقات بهذه اللغة والضغط على إدارات المدارس لتعليقها إلى جوار نظيرتها المكتوبة بالإنجليزية0 ومازالت اللغةُ العربيةُ, التى لا يعرفُ الكثير من أهلها قيمتها, حاضرةً فى قلب هذه المعركة الأمريكية.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: