-
علمتنى الحياة أن كل شيء يفقده الإنسان يمكن تعويضه إلا رحيل الأم ولهذا فليس غريبا أن تجد رجلا كبيرا طاعنا فى السن تنسال الدموع من عينيه وهو يبكى أمه، فالرجال مهما قاوموا ضعف البكاء طوال عمرهم – مثلى - لا يستطيعون مقاومة البكاء عندما تموت أمهاتهم لأن كلمة «أمي» وحدها هى من تشعرهم بأنهم ما زالوا صغارا مهما بلغوا من العمر.
-
وصحيح أن الرجال يبكون حين يفقدون آباءهم لكنه بكاء يختلف عن البكاء حزنا على الأم .. فالرجال حين يفقدون آباءهم سرعان ما يتمالكون أنفسهم لأنهم فى تلك اللحظة العصيبة يصبحون هم الآباء وهم الأعمدة وهم السقف وهم السند.
-
وأيضا يبكى الرجال حين يمرض أحد أبنائهم لكن بعد أن يديروا ظهورهم حتى لا تراهم تلك العيون الصغيرة التى تستمد قوتها للشفاء من قوة آبائهم.
-
ويبكى الرجال حينما يزوجون بناتهم ويضعون قلوبهم على صدور أزواجهم بعد سنوات من الرفق بتلك القلوب الحنونة والمطيعة والمهذبة.
-
لكن أصعب أنواع البكاء عندما يبكى الرجال لجحود الأبناء أو استعلائهم أو تطاولهم ولو بكلمة عابرة تؤذى مشاعر والديهم .. ساعتها يبكى الرجال كما لو كانت الدموع دما!
-
أما البكاء المكتوم فما أصعبه وما أقساه عندما يبكى الرجال عند عجزهم عن تأمين الحياة الكريمة لأبنائهم .. لحظتها لا تخرج دموع الرجال من العين على الخد فيراها الجميع وإنما تخرج الدموع من القلب وتظهر معالمها فى التنهدات والنظرات وتجاعيد الوجه وشيب الشعر ورجفة اليدين .. وليس أقسى من أن ترى الحزن والدموع فى وجوه من كنت لا تراهم إلا ضاحكين مبتسمين .. ولكن ما حيلتنا فتلك هى الحياة!
خير الكلام:
قد تكون الدموع دليل المحبة لكنها بالتأكيد ليست العلاج!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: