ليس من حُسن التدبُّر الانسياق وراء أفراح مقتل الإرهابى الكبير أيمن الظواهرى بوهم أن هذا سيؤدى تلقائياً إلى إضعاف تنظيم القاعدة الذى كان يتزعمه، ذلك لأن أسامة بن لادن، مؤسس التنظيم وزعيمه وأبوه الروحى والذى كان ينفق عليه ببذخ من ثروته المليارية ومع كل علاقاته عبر العالم، لم يكن لمقتله التأثير السلبى الذى رُوِّج له! بل لقد تمدَّد التنظيم وتفشى بعدها وكسب أراضى مترامية ومتباعدة، فى دول عربية، وفى عدة دول آسيوية وإفريقية، وحتى فى دول أوروبية كانت سالِمة من عدواهم قبل مقتل بن لادن! أضِف أيضاً أن الظواهرى قُتِل فى مخبئه بمنزل أحد رموز حكم طالبان الرسمى فى أفغانستان وليس بجحر بصحراء بعيدة يتلوى فيه من الجوع والعطش!
ينبغى أن نُقِرّ بأن القاعدة نعِمت طوال السنوات الماضية بأفضل ما يحلم به أى تنظيم إرهابى، فحتى فى الوقت الذى كانت تُوجَّه لهم ضربة من أحد الأطراف، فإنهم لم يعدموا قط أن يحظوا باحتضان أطراف أخرى قوية، تُغدِق عليهم أموالاً طائلة، وتؤويهم وتُسلِّحهم وتنقلهم، وتوفر لهم منابر إعلامية، وتدفع لشهود الزور بسخاء ليتلاعبوا بكل منطق لإيجاد التبريرات لهم، ولتلفيق براءتهم من جرائم واضحة، ولقلب الحقائق بتوجيه الاتهامات لمن يتصدى لهم أو وضعه موضع الدفاع بأنه لا يقهر حقوق الإنسان، وأنه ليس عميلاً للاستعمار!
والحقيقة أن التجربة المصرية، منذ الإطاحة بحكم الإخوان، كانت الأنجح فى التصدى للقاعدة وأخواتها وأمهم جماعة الإخوان، دون أن تختلط الأوراق فى يد النظام المصرى، وكانت مصلحة الوطن والمواطنين على قمة الأولويات، دون الرضوخ للابتزاز، ولم تكتف الحملة الشاملة بمواجهة الإرهاب المادى بمنتهى القوة، وإنما ضربت مصادر تمويله، وحاصرت داعميه ومبرريه، وقدَّم خير الأبناء فى الجيش والشرطة أرواحهم فى سبيل إنقاذ الوطن من وحوش خرجت من القمقم بفعل فاعل، لم يحن الحين بعد لفتح ملفات الفاعل، ولا تزال الجولات مفتوحة لمحاربة بقاياهم وأفكارهم وممثليها المتوارين وراء أقنعة.
المعنى واضح: مطلوب بشدة تصفية قادة الإرهاب وعناصرهم بكل قوة، ولكن هذا لا يكفى، لأن الأهم ضرب المنابع وتقويض الظروف المساعِدة ومنع من يقدم العون.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: