معركةُ صعبةُ بين الإنجليز والإسبان مساء اليوم، ولكن فى ملعبٍ لكرة القدم، وليس فى ساحة حربٍ مثل تلك التى خاضها الطرفان فى نهاية القرن السادس عشر فى صورة معارك متفرقة تعددت روافدُها المذهبيةُ والتجاريةُ والاستعمارية، وانتهت بتوقيع معاهدة لندن فى 1604.
ينوبُ فريقا ليفربول وريال مدريد عن البلدين فى خوض معركة اليوم على بطولة دورى أبطال أوروبا. يبدو الفريقان للوهلة الأولى فى حالةٍ جيدة، بعد أن حصل الريال على بطولة الدورى فى بلده, وتجاوز أزمةً واجهته وانتهت بتولى كارلو انشيلوتى إدارته الفنية بدل زين الدين زيدان. وسيحاولُ ليفربول تعويض خسارة وحسرتها الدورى الإنجليزى، معتمدًا على لاعبين مميزين.
لكن هذا لا يعنى أن اللعبة الأكثر شعبيةً فى العالم بخيرٍ فى البلدين اللذين مازالت قدرةُ المنتخب الوطنى فى كلٍ منهما على المنافسة أقل من أنديتهما الكبيرة، التى احتكر أربعةُ منها الدور قبل النهائى فى دورى الأبطال وصعد ليفربول وريال مدريد إلى معركة اليوم على حساب مانشستر سيتى وفياريال.
تحتاجُ كرةُ القدم الإنجليزيةُ والإسبانيةُ إلى جهدٍ كبيرٍ لحل أزماتٍ تواجهُ الأندية، وليس فقط المنتخب الذى يتأثرُ سلبًيا بقلة الفرص المتاحة للاعبين المحليين بسبب كثرة أعداد الأجانب المحترفين. أزماتُ الأندية كثيرةُ، بدءًا من ملكيتها وخلفيات مالكيها وسلوكياتهم، وليس انتهاءً بقواعد إدارة المسابقات الأساسية.
وقد طغت قضيةُ ملكية الأندية على السطح بشكلٍ غير مسبوق منذ أن شملت العقوباتُ الغربيةُ ضد روسيا مالك نادى تشيلسى أبراموفيتش. وبدأت الحكومةُ الإنجليزيةُ فى بحث فكرة التوافق على جهةٍ مستقلةٍ تكونُ مهمتُها الأساسيةُ تقييم مالكى الأندية ومديريها، وضمان ملاءمتهم، بدءًا بفحصٍ دقيقٍ للهدف الذى يتوخاه من يرغبُ فى شراء نادى، خاصةً بعد أن أصبح الاستثمارُ فى الأندية الأوروبية غير مربح، لأن معظم الإيرادات تذهبُ إلى جيوب اللاعبين ووكلائهم.
وما قضيةُ ملكية الاندية إلا المثالُ الأكثر وضوحًا بين مشاكل وأزمات كبيرة تواجهُ كرة القدم الأوروبية0 ولكن افتنان محبى هذه اللعبة فى العالم بالكرة الأوروبية، وارتفاع مستواها مقارنةً بغيرها فى العالم، يُخفيان اختلالاتٍ هيكليةً تفاقمت وصارت أكثر وضوحًا فى فترة تفشى فيروس كورونا.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: