أعتقد أنه لا يمكن لأى مواطن مصرى اليوم، إلا أن يسعد ويتفاءل ويرحب بالدعوة التى أطلقها الرئيس السيسى للحوار الوطنى. وبالنسبة لمواطن من جيلى الذى عاصر فى طفولته وشبابه جمال عبد الناصر، ثم عاصر مع نضوجه عصر السادات القصير، بين 1970 و1981، ثم عصر الرئيس مبارك الأطول، الذى آل إليه حكم مصر لمدة ثلاثين عاما متواصلة، بعد نجاته من جريمة اغتيال الرئيس السادات فى 1981 حتى انتفاضة يناير 2011.. ثم الفترة القصيرة التى اختطف فيها الإخوان حكم مصر قبل ان تزيحهم للأبد ثورة 30 يونيو 2013 ...أقول، بعد هذه المعايشة الطويلة والخصبة... إن ذلك الحوار يأتى فى موعده تماما! ولذلك لم استغرب ابدا الجريمة البشعة التى ارتكبتها فلول القوى المتطرفة مؤخرا التى عبرت فى الحقيقة عن إفلاسها ويأسها ..، فلم تجد أمامها إلا نقطة لرفع المياه غرب سيناء لتغتال أحد عشر من حراسها! إن ذلك الحوار له مغزاه العميق فى التاريخ السياسى المصرى منذ 1952 وحتى اليوم، ففى لحظات التحول الحاسمة كانت تبرز الحاجة للحوار الوطنى الحر. إننى استذكر هنا الحوار الخصب والعميق الذى شهدته جلسات المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية التى عقدت منذ مايزيد عن ستين عاما (1961) فى حضور جمال عبد الناصر ..والتى لاتزال كثير من مناقشاتها العميقة والمثيرة تتردد أصداؤها فى ذهنى، والتى تمخض عنها الميثاق الوطنى! واستذكر الحوار السياسى الذى شهدته مصر بعد هزيمة 1967 وتمخض عنها بيان 30 مارس الشهير. واستذكر الحوار السياسى الذى اداره الرئيس السادات عقب انتصار أكتوبر المجيد والذى أسفرت عنه ورقة أكتوبر التى تضمنت الخطوط العامة للتغيرات السياسية والاقتصادية العميقة التى وقعت بعدها. ومع أن الرئيس مبارك لم يهتم فى أغلب مراحل حكمه بإدارة اى حوار سياسى، إلا ان تشكيل المجلس الأعلى للسياسات برئاسة جمال مبارك كان دافعا لحوار جديد فى جلساته، ولكن شبهة توريث الحكم له، قللت بشدة من موضوعية وجدوى ذلك الحوار. وبداهة، فإن حكم الإخوان القصير لم يكن لينطوى على أى حوار، بادعاء أنهم يحتكرون شرع الله. اليوم، تشهد مصر حوارا جديدا، حرا وخصبا تستحقه الجمهورية الجديدة!.
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: