إذا ما سلمنا بادئ ذى بدء – وتلك حقيقة بدهية – بأن العالم يواجه الآن أزمة اقتصادية غير مسبوقة بسبب الإفرازات السلبية لوباء كورونا قبل أن تبدأ التداعيات المرعبة للأزمة الأوكرانية فان النتيجة التى تترتب على ذلك حتميا هى موجة عاتية جديدة من غلاء الأسعار وزيادة التضخم وبطء معدلات التنمية فى معظم دول العالم وضمنها بلدنا الحبيب مصر.
إذا ما سلمنا بذلك ولا مفر من التسليم به فنحن أمام استحقاق سياسى واقتصادى واجتماعى غير مسبوق يستوجب رؤية مستنيرة وشاملة تستند إلى حسن تصوير الواقع وتوضيح الحقيقة أمام الناس ليس من خلال التلقين العلوى وإنما من خلال النقاش الحر الذى أتصور أنه أحد أهم أهداف ومقاصد الدعوة الرئاسية الكريمة للبدء فى حوار سياسى ومجتمعى شامل.
وربما يكون ضروريا القول بأن الطريق نحو العبور الآمن للأزمة الاقتصادية ليس طريقا سهلا وممهدا وإنما هو طريق تكتنفه المصاعب والتحديات ومن ثم فإن السير عليه بأفضل درجات الأمان لا يحتاج فقط إلى تدفقات استثمارية هائلة وإنما يحتاج فى المقام الأول إلى خبرات متقدمة وإلى تخطيط علمى يستند إلى تغيير شامل فى كثير من المفاهيم التى فرضتها ظروف وأوضاع ما قبل جائحة كورونا وأزمة أوكرانيا وبما يسمح مجددا بأوسع مساحة ممكنة لاستحداث تشريعات جديدة بالتوازى مع صلاحيات أوسع لسلطات الرقابة.
وأتصور – دون أن أخفى ثقتى الكاملة فى قدرة شعبنا على تجاوز الأزمة الراهنة بمثل فعلنا فى مواجهة أزمات سابقة – أنه ومهما تكن صعوبة الظروف العالمية التى نعيش فيها فإن حاجتنا إلى التنمية ورفع معدلات الإنتاج الزراعى والصناعى يجب أن تحتل أولوية مطلقة فى برنامج العمل الوطنى للمرحلة المقبلة بحيث يصبح النصيب الأكبر من التدفقات الاستثمارية المتاحة بما فيها القروض الأجنبية مخصصا للزراعة والصناعة وبما يسمح بإعادة تجديد الرهان على إمكانية الارتفاع بالناتج القومى لتلبية حصتنا فى اقتحام أسواق التصدير العالمية بالتوازى مع أكبر نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتى فى قطاعى الحبوب وزيوت الطعام على سبيل المثال.
والاجتهاد بالرأى فى مثل هذه القضايا واجب وحق – فى آن واحد – لأن ما يجرى من تطورات عالمية وإقليمية تستحق التأمل العميق قبل المجازفة بإصدار أحكام متسرعة حول سبل المواجهة وكيفية بناء جسور العبور التى تمكننا من اجتياز الأزمة بأقل كلفة ممكنة!
وأتمنى أن تكون هذه السطور بمثابة مسودة لورقة مقدمة إلى الأمانة المكلفة بإدارة الحوار الوطنى المرتقب.. وعلى الله قصد السبيل.
خير الكلام:
<< أول خطوة لعبور الأزمة أن تهتم بما تملك بدلا عن الاهتمام بما لا تملك!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: