كل يوم
إنعاش الذاكرة!

أعتقد أن اهتمام الناس بمسلسل «الاختيار3» لا يرجع فقط إلى صدق الرواية أو إلى إبداع المخرج الذى حشد لهذا العمل كوكبة من نجوم الصف الأول وإنما لأن هذا الخليط المتجانس من الدراما والتوثيق التاريخى أعاد إنعاش الذاكرة الوطنية للمصريين عن فترة من أهم وأخطر وأصعب الفترات التى مر بها الوطن بعد عواصف الفوضى التى ضربت المنطقة بأسرها.

وفى الأعمال الدرامية ليس من السهولة بمكان تجسيد أحداث ووقائع حدثت فى زمن قريب ومازالت تداعياتها مستمرة ولكن روعة الإبداع فى هذا العمل الفنى المتكامل تكمن فى القدرة على توثيق العلاقة الحقيقية بين الذاكرة الوطنية للإنسان وبين عناصر اليقين للمكان والزمان اللذين شهدا هذه الأحداث العصيبة.

والحقيقة ان القائمين على هذا العمل نجحوا فى الاستعانة بالذاكرة التوثيقية المخزنة لدى الشئون المعنوية للقوات المسلحة المصرية ولم يغب للحظة عن كاتب السيناريو أو عن مخرج العمل أهمية وقيمة الحرص على إنعاش الذاكرة وضمان استمرار احتفاظها بالمواقف والأحداث الصعبة التى شملت لحظات جيدة ولحظات سيئة عشناها وينبغى أن نتعلم منها الكثير لأن الذاكرة هى أحسن خادم للعقل ثم إن الذاكرة والألم توأمان كما أنها مثل العاصفة عندما تستيقظ - فى إطار عمل درامى متقن - فلا أحد يستطيع إيقافها لأنها تجرف كل الأكاذيب من طريقها وما أكثر الأكاذيب التى صوبتها أبواق الفتنة والتحريض عبر الشاشات المأجورة خارج الحدود طوال السنوات الماضية.

وبمقدورى أن أقول برؤية مشاهد لا يزعم امتلاك قدرة النقد والتحليل للأعمال الفنية إننى اكتشفت كم كنت بحاجة إلى استرجاع شريط الأحداث التى كان قد سقط منها كثير من الوقائع فى غمرة الانفعال والتفاعل مع تلك الأحداث الجسام لحظة وقوعها خصوصا ما كان يجرى خلف الكواليس من مؤامرات تحاك ومخططات تدبر وتهديدات تتوالى لتمرير المخطط الأسود لاختطاف الوطن من أهله وناسه والسعى إلى تغيير الهوية للوطن الحبيب!

ولست أعرف حقيقة ما جرى داخل كواليس إنتاج هذا العمل الذى سيعتمد مستقبلا ضمن وثائق هذه المرحلة من تاريخ مصر ولكننى استطيع أن أشم رائحة اهتمام ورعاية للعمل على مستويات رفيعة متعددة لم يبخل أصحابها بالوقت وبالمشورة لضمان أن يخرج العمل فى النهاية معبرا بكل الصدق والأمانة عما جرى ولكى يكون إسهاما حقيقيا فى إنعاش الذاكرة الوطنية لأن سلاح الوعى هو أهم أسلحتنا التى ينبغى وضعها باستمرار على أعلى درجات التأهب والاستعداد!

خير الكلام:

<< ذاكرة الحق أقوى من افتراءات الباطل!