في حياة كل إنسان منا ذكريات مع شهر رمضان الكريم بكل ما كان فيها من البهجة والرضا، كيف ننسي اجتماع الأسرة حول مائدة الإفطار؟.. كان الطعام بسيطا لكنه كان كافيا، لم تكن مواكب التيك اواي قد اقتحمت البيوت، والناس لا تعرف ماذا أكلت ولم تكن المياه الغازية قد أسقطت قمر الدين من عرشه ولم تكن الكنافة قد أصبحت ضيفا عزيزًا.. كانت القصص والحكايات بين أبناء الأسرة الواحدة تغني عن مسلسلات القتل والدماء.. وكان الأبناء يتحدثون عن نجاحاتهم وتفوقهم دون الدروس الخصوصية وكان كل أب يفتخر بتفوق ابنه وأخلاقه ومن أصبح معيداً في كليته ومن وجد أكثر من فرصة عمل في أكثر من مكان.. وكان التليفزيون قناة واحدة عليها مسلسل واحد يقدم عملا راقيا يجتمع الناس حوله.. وكانت فوازير رمضان التي يكتبها صلاح جاهين وتقدمها آمال فهمي إبداعا حقيقيا.. وكان قرآن الشيخ رفعت محرابا تتجه إليه القلوب في كل صلاة حتي إذا جاءت تواشيح النقشبندي وهو يناجي ربه سباحة ربانية في الإيمان والصدق واليقين.. وكانت الأسرة تجتمع في صلاة الفجر والسحور وتكمل يومها مع العرفان والرضا لكي يبدأ يوم آخر.. وما بين هذه المشاعر كانت أم كلثوم تحلق بنا ما بين ولد الهدي والبردة وسلو قلبي وتحملنا إلي آفاق من الإيمان والصفاء.. كان رمضان يزورنا كل عام ضيفا عزيزاً هادئا بلا صخب المسلسلات وضجيج الإعلانات والتفاهات.. وأحيانا نشعر بالحنين إلي رمضان الذي كان ونستعيد ذكريات زمان مضي.. كان الإنسان أكثر إيمانا وقناعة ورحمة.. كان أجمل ما في رمضان انه يجمعنا علي الحب والإيمان وكان مثل كل الأيام ما يوجد من الطعام يكفي وليس من الضروري أن تزدحم الموائد بالطعام ولكن البيت يكفي.. وليس من الضروري أن نشاهد عشرات المسلسلات، ولكن مسلسلا واحدا يجسد القيم يكفي.. كانت القناعة في كل شيء وفي أي شيء تكفي.. ومنذ غابت القناعة لم يعد هناك شيءٍ يشبع الإنسان لا طعام ولا مال ولا رغبات ولم يعد يدري هل هي محنة الإنسان أم متغيرات الزمن وضرورات الحياة بين ماضٍ يآبي أن يعود وحاضر لا بديل عنه..
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: