كانت لدينا أغنية جميلة للموسيقار فريد الأطرش، هى «الربيع» ،اعتدنا أن نغنيها فى مثل هذه الأيام من كل عام.. وكان فريد يقيم حفلا كبيراً مع عودة فصل الربيع من كل عام.. وكان يبدأ مع شهر مارس ويمتد حتى شهر إبريل، حيث نحتفل بشم النسيم العيد المصرى الشهير.. ومنذ اختفى فصل الربيع امتد فصل الشتاء وسرق الربيع وامتد أحيانا للصيف، وما بين البرد الشديد والحر الأشد ضاع نصف العام.. وحتى الخريف أصبح فصلا حزينا غامضا، ومنذ اختفت أغنية الربيع ورحل فريد الأطرش أصبحت من ذكرياتنا التى نحن إليها كثيراً.. كان مأمون الشناوى الشاعر الكبير قد كتب الأغنية لكى تشدو بها كوكب الشرق، ويبدو أنها اعتذرت وقام فريد الأطرش بتلحينها، لتكون من أشهر أغانيه.. كان الربيع دائما مجالا للمنافسة حتى إن عبد الحليم حافظ أقام حفلا فى هذه المناسبة وإن بقيت ربيع فريد هى الأكثر نجاحا ومازالت حتى الآن تتردد كلما جاء الربيع.. ورغم أن لدى فريد أغنيات ناجحة مثل أول همسه «وحكاية غرامي» فإن «الربيع» بقيت الأشهر والأجمل فى مشواره الفني.. وقد تذكرت فى هذه الأيام قصة أغنية الربيع وحفل فريد الشهير كل عام حين كان الملايين فى العالم العربى يجتمعون فى حفلاته وكيف حاصرنا البرد والصقيع فى هذه الليالى الموحشة.. وتمنى كل واحد منا لو أن «الربيع عاد من تاني، ولكن يبدو أن الماضى لا يعود وأن الشتاء الذى هبط علينا هذه الأيام وجعلنا نختفى خلف الجدران لم يحرمنا فقط من دفء الأيام ولكنه حرمنا من فصل جميل وأغنية بديعة كانت تسمى الربيع .. طافت فى خيالى كل هذه الذكريات وأنا استرجع كلمات مأمون الشناوى وصوت فريد الأطرش وتلك الأيام الجميلة التى عشناها، حين كانت الحياة أكثر دفئا والفن أكثر متعة والناس أكثر رحمة.. وإذا كان الإنسان قد تغير فكيف تغيرت الفصول وأصبح الربيع صقيعا واختفى فصل بديع فى زحام الأيام ،وحين غاب الربيع تصحرت فى حياة الناس أشياء كثيرة وأصبحت الحياة أكثر قسوة والناس تتساءل: هل يعود الربيع مرة أخري؟ ليته يعود..
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: