كلمات حرة
أحاديث القلب عن أوكرانيا!

اعتدنا فى مصر عندما يحتد النقاش بيننا، ويتجاوز أحد الأطراف فى حديثه حدود الأدب أو اللياقة، ان يتدخل طرف ثالث لتهدئة الموقف، مبررا التجاوز الذى حدث، بأن المتحدث كان «بيتكلم من قلبه»، أى انه كان منفعلا ولا يقصد إهانة الطرف الآخر. خطر على بالى هذا الأمر وأنا أقرا الخبر الذى بثته هيئة الإذاعة البريطانية عن حوار تم بين الرئيس الأمريكى جو بايدن مع بعض الصحفيين فى واشنطن يوم الأربعاء الماضى، بينما كان يحضر مناسبة ليس لها علاقة بأوكرانيا، وسأله أحد المراسلين «سيدى الرئيس..بعد كل ما رأيناه، هل أنت مستعد لتسمية بوتين مجرم حرب؟» ...فى البداية رفض بايدن الوصف ورد «لا»، قبل أن يراجع موقفه ويعود ليغير كلامه ويقول للمراسل «هل سألتنى إن كنت سأقول ...أعتقد أنه مجرم حرب»! ولأن الكلمة قاسية وحساسة سارعت المتحدثة باسم البيت الأبيض «جين ساكى» فى وقت لاحق، لتبرير ما قاله بايدن بأنه «كان يتحدث من قلبه»! بعد رؤية صور «بربرية» للعنف فى أوكرانيا، دون أن يهدف إلى الإدلاء بتصريح رسمي. وكان منطقيا بالطبع أن أدان ديمترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين ما قاله بايدن، وقال إنه «كلام لا يغتفر، وغير مقبول من جانب رئيس دولة قتلت قنابلها مئات الآلاف من الناس فى جميع أنحاء العالم». والحقيقة أن هذه «اللقطة» القصيرة تعكس الحرب الإعلامية الضارية الموازية للحرب الأوكرانية، والتى يسقط فيها- فى تقديرى- الحاجز بين الإعلام والدعاية! إن المتصور نظريا أن تقدم الوسائط الإعلامية تغطية إعلامية موضوعية او محايدة بقدر الإمكان، ولكن انطباعى، وأنا أتابع مختلف المصادر الإعلامية الرئيسة فى العالم، أن أغلبها وقع فى فخ الدعاية التى غلبت الإعلام. لقد اعتدت مثلا، فى مطالعتى لأخبار العالم ، منذ عشرات السنين أن أبدأ بمطالعة الإذاعة البريطانية (الـ بى بى سى) .. ثم أخذت أتوسع تدريجيا إلى الوكالات الفرنسية والألمانية .. غير أن ما أعتقد أنه تحيز حاد منهم للموقف الغربى دفعنى لإدخال وكالة روسيا اليوم التى تقدم بلا شك رؤى وتحليلات تحدث توازنا موضوعيا مطلوبا فى الأنباء والتحليلات. وبعبارة موجزة، فإن أحد أسلم الطرق للوصول للحقائق، والنجاة من الدعاية، هى تعدد مصادر الأخبار، من كل الأطراف بلا استثناء، وعليك أنت استخلاص الحقيقة!.