رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كل يوم
دبلوماسية عبقرية وحكمة سياسية!

فى الأزمات الكبرى تظهر المعادن الحقيقية للأمم والشعوب بعيدا عن مقاييس القوة والضعف ومعايير الغنى والفقر فالأمم والشعوب الحية هى التى تؤكد شخصيتها المستقلة بالتعبير الصادق عن مواقفها من الأزمات استنادا إلى مبادئ تؤمن بها ودون إغفال لمصالح ينبغى حمايتها والحفاظ عليها.

ومن هنا جاء فهمى واستيعابى لجوهر الموقف المصرى من الأزمة الأوكرانية وكيف أن مصر صوتت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد الحرب التى شنتها روسيا لأن مصر وفقا لمبادئها المناهضة للحروب لا تستطيع التزام الصمت أو الامتناع عن التصويت وفى ذات السياق كانت مصر واضحة فى بيان أصدرته على لسان مندوبها الدائم فى نيويورك «بأنها ترفض منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولى متعدد الأطراف» وأن مصر كانت ومازالت وستظل داعمة للحلول الدبلوماسية.

وهنا تكمن عبقرية الدبلوماسية المصرية ومهارتها ليس فى إمساك العصا من المنتصف كما يهيأ للبعض وإنما فى حسن قراءتها للمشهد العالمى والذى يجعل من الصعب على دولة بحجم مصر أن تتجه لتأييد طرف دون الآخر لأنها بالأساس دولة مؤسسة لحركة عدم الانحياز منذ خمسينيات القرن الماضى.

بوضوح شديد أقول: إن التصويت المصرى المتوازن فى الأمم المتحدة راعى وجود مصالح استراتيجية مع أمريكا وكذلك مع أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبى وأيضا فإن مصر لم يكن بمقدورها أن تغفل إرثا تاريخيا من المواقف السياسية الداعمة لمصر من جانب موسكو فى المحافل الدولية ومن ثم فإن مصر ترى أنه لا ينبغى أن يتم غض الطرف عن بحث جذرى لمسببات الأزمة الراهنة.

ولاشك فى أن توازن الموقف المصرى قد ترك الأبواب مفتوحة أمام الدبلوماسية المصرية للتواصل مع كافة الأطراف ذات الصلة بالأزمة الأوكرانية وليس الاتصال الهاتفى قبل أيام بين الرئيس السيسى من السعودية وعقده جولة مباحثات بالغة الأهمية مع الملك سلمان وولى العهد محمد بن سلمان سوى مؤشر على سلامة وفعالية الموقف المتوازن لمصر الذى أظن أنه بات مؤهلا لحركة أكبر وأعمق خلال المرحلة المقبلة التى سيتسع فيها ميدان المواجهة ليشمل إلى جانب المعارك المسلحة حربا اقتصادية بسلاح الطاقة الذى أصبحت مصر بما تملكه من احتياطيات هائلة من الغاز لاعبا أساسيا يحسب حسابه فى هذا المجال!

مجرد قراءة ضرورية وواجبة ينبغى إجراؤها بكل الصدق ومن أرضية الشعور بالمسئولية والفهم العميق للأوضاع الدولية الراهنة لأن ما فعلته مصر يمكن وصفه بكل تواضع أنه عنوان جديد لثنائية الحكمة السياسية والعبقرية الدبلوماسية للدولة المصرية!

خير الكلام:

  •  الحكمة هى حصاد دروس الماضى.. والحيطة هى أم الحكمة!
[email protected]
لمزيد من مقالات مرسى عطا الله

رابط دائم: