رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
حين كان الغزوُ سهلاً

لا توجدُ وسيلةُ لمعرفةٍ موضوعيةٍ باتجاهات الرأى العام الروسى تجاه حرب ضد أوكرانيا. روسيا صندوقُ مُغلقُ تقريبًا. والمعلوماتُ الدقيقةُ عن التفاعلات الداخلية فيها شحيحة. والاستطلاعاتُ التى تقيسُ اتجاهاتَ الرأى العام غير مُمكنة. ولهذا تختلفُ التقديراتُ بشأنها، مثلها فى ذلك مثل مختلف جوانب الأزمة الراهنة، أو معظمها. ووفقَ أحد هذه التقديرات، يتعاملُ قطاعُ لا بأس به، وإن يصعبُ التكهنُ بنسبته، مع هذه الأزمة بحذرٍ ينطوى على رفض, أو عدم ارتياح، أم عدم ترحيب بنشوب حرب. وهذا تقديرُ يُخالفُ اعتقاداً له ما يسندُه فى أن معظم الروس يتطلعون إلى استعادة مكانةٍ دوليةٍ كانت، ويؤيدون بالتالى سياسةَ بوتين وفريقه فى هذا المجال. غير أن رفض أو عدم ترحيب قسمٍ منهم بغزو أوكرانيا لا يعنى التخلى عن أمل أو حلم استعادة روسيا العظمى، بل يرتبطُ بأواصر السلافية الشمالية التى تجمعُهم والأوكرانيين. وربما يُعانون شيئًا من التمزق فى مشاعرهم القومية بين هدفٍ لأُمتهم ووسيلةٍ تحقيقه عندما يكونُ ثمنُه قتالاً بين من ينتمون إلى هذه الأمة نفسها. فالأوكرانيون أشقاءُ الروس، بالمعنى الذى نفهمُه حين نقولُ إن الفلسطينيين أو العراقيين أو غيرَهم من العرب أشقاءُ المصريين. ولهذا يتعذرُ استبعاد عدم ترحيب بعض الروس، أو كثيرٍ منهم، بأن يقتل السلافيون الشماليون بعضهم البعض حتى إذا أدى ذلك إلى دعم مكانة الدولة السلافية الأكبر. وهنا الاختلافُ البَيِن بين غزو شبه جزيرة القرم عام 2014، وما يمكن أن يحدث فى حالة نشوب حربٍ الآن. كان ذلك الغزوُ- الاحتلالُ سهلاً لأنه استهدف منطقةً تحظى روسيا بقبولٍ فيها أكثر من غيرها، وقد نُقلت من جمهورية روسيا إلى جمهورية أوكرانيا فى إطار ترتيبات داخلية فى الاتحاد السوفيتى السابق عام 1954. كما اتبعت روسيا خطةً سهلت الأمر, اعتمادًا على قواتٍ لا ترتدى زيًا عسكريًا استولت على المواقع الاستراتيجية فى القرم، دون مقاومةٍ تُذكر، ونصَّبت حكومةً مواليةً وأجرت استفتاءً بالطريقة المُعتادة فى موسكو، وأعلنت استقلال المنطقة، وأعقبه قرارُ حكومتها الانضمام إلى روسيا وسط قبولٍ واسعٍ من السكان، والتحاق جزءٍ يُعتدُ به من القوات الموجودة فيها بالجيش الروسى.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: