نعم الفقر المادى ونقص قدرات البشر عن تلبية احتياجاتهم من اقسى أنواع الفقر ولكن لا يقل عنه خطورة وقسوة فقر القيم والمبادئ والمروءة والإنسانية وطيب الأخلاق والطباع وعدم فهم صحيح الدين. ومن عجائب ما يثار الآن كأن حياتنا قد خلت من الهموم والمشاكل الحقيقية ما يقال عن ضرب الزوجات الذى ليس إلا حصاد ألوان الفقر مجتمعة.. واثق من ان أشارة القرآن الكريم إلى الضرب إذا حدث شقاق بين الزوجين ليست إلا دعوة للتباعد بينهما إلى ان تهدأ النفوس وتعود إلى صوابها وتسترد هدوءها وتدرك خطأها. وان كان من عتاب لخطابنا الدينى فهو عدم الوصول بما فيه من إدانة للعنف والقسوة ودعوة للمودة والرحمة بين الزوجين وتكريم للمرأة فى الأحاديث النبوية الشريفة مازال يحتاج إلى مناقشات وإعادة إثبات فى عديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية التى حسمت بجلاء ووضوح بعظيم ما تمتلئ به الأديان من قيم و مبادئ وبخلاصة ما جاءت من اجله لتكون رحمة للعالمين. وقد أكد شيخ الأزهر الجليل ان العنف ضد المرأة أو إهانتها بأى حال دليل فهم ناقص أو جهل فاضح أو قلة مروءة وهو حرام شرعا وان منع الضرب ليس للمرآة فقط أو الزوجة الناشز ولكن الضرب على إطلاقه لأن الضرب اهانة لا تفارق الإنسان إلى نهاية عمره. أتمنى ان أعيش إلى ان أرى ان ضرب الإنسان جريمة يُعاقب عليها الضارب معاملة المجرم.
تحدث هذه الإثارة المخجلة والمؤسفة والمسيئة لحضارة الدين واستنارته ولحضارة الإنسان وقيمه ومبادئه وإنسانيته. ومصر تشهد صعودا عظيما لمكانة المراة وحصد لها على كثير مما تأخر من استحقاقاتها كالجلوس على منصات القضاء وهذا العدد غير المسبوق من النائبات والوزيرات والقيادات الرائعة والناجحة فى مواقع المسئولية قادم من تاريخ طويل من النضال والكفاح الاجتماعى والوطنى شاركت فيه المرأة قبل ان تتعلم وتعمل وتخرج للمشاركة فى ثورات بلدها... كنت أتمنى ان يكون قانون الأخلاق والحق والخير والجمال هو الذى يحكم العلاقات الإنسانية والاجتماعية كما كان فى فجر التاريخ المصرى القديم بدلا من ان يقال إننا وسط كل ما حققته المرأة من تقدم وصعود ونجاحات نضطر إلى أن نلجأ للنواب والنائبات ... أين هم وأين هن من تشريعات تُفعل وتعلى القيم الحضارية والثقافية فى احترام المرأة وتفعل أيضا ما أعلنه الإمام الطيب من ان المباح يمكن التغاضى عنه إذا ترتب عليه ضرر ومن حق الدولة ان تعدل عن المباح...
أكتب هذه السطور رغم يقينى الكامل بأن ما أشار إليه القرآن الكريم مرة واحدة تفسيره اللغوى يبتعد به تماما عن فهمنا الدارج والمؤسف والمهين للرجل قبل المرأة وان نضع نهاية لفتح متاهة جديدة تلهينا عن هموم وتحديات تحتاج إلى وقفات جادة أمامها ومن بينها تحول وسائل التواصل الاجتماعى إلى وباء قاتل لا يقل خطورة عن وباء الكورونا بسبب حالات الاستخدام الإجرامى للشبكات الإلكترونية وتمثل تلاعبا آخر بعادات وتقاليد تسىء إلى فتيات صغيرات وتدفعهن للانتحار علاوة على ما تفعله هذه الرسائل من تطوير إمكانات الاختراق والتجسس وألعاب تستولى بها على عقول مراهقين وتصل بهم إلى القتل كالمراهق الذى من خلال لعبة الكترونية يطلقون عليها بادج يقتل أفراد عائلته بوهم سيطر عليه أنهم سيعودون للحياة كما شاهد فى اللعبة وحدوث عمليات ابتزاز الكترونى تستخدم برامج خبيثة لإجراء عمليات تجسس وسرقة بيانات من ضحايا وإطلاق برامج للتهديد وطلب فدية بوسائل غريبة. ولفتتنى رسالة مهمة فى بريد الأهرام من القارئ أحمد أنور اشرف بعنوان السلاح الالكترونى جاء فيها: ويشير فيها إلى أن فرنسا وبريطانيا وأمريكا والصين تعتمد على السلاح الالكترونى فى حروبها المعاصرة وتقوم بالتصدى للهجمات الإلكترونية عبر السوشيال ميديا..انها الحرب الجديدة.
أثق فى أن هذه الأهداف السياسية التى تهدد بحروب الكترونية عبر شبكات التواصل التى تعد لتتحول الى وسائل تهديد وترويع لا تقف بعيدا عن أسواق الألعاب الالكترونية واستخدامات خافية لها فى هذه الجرائم ووفق الأهرام 1فبراير الحالى فإن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء اصدر تقريرا عن نمو سوق الألعاب الالكترونية فى العالم تناول مراحل تطور هذه الألعاب وعدد اللاعبين وإيراداتها ومخاطرها والإجراءات التى تبنتها الدول لمواجهة أخطار إدمان هذه الألعاب ومن المهم ان يستكمل الخبر ببيان أهم الإجراءات التى اتخذتها مختلف الدول لمواجهة هذا اللون من الإدمان والذى لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات.
إلى أين ستصل بنا هذه الأسواق الجديدة للاتجار بالبشر خاصة الشباب والنشء التى حولها البعض إلى أسواق ابتزاز وتهديد وترويع فتيات بريئات من خلال تقنية تركيب صور غير حقيقية وكان تدخل النائب العام والأمر بالقبض على المتهمين وحبسهم فى مأساة انتحار الفتاتين بسنت وهايدى تدخلاً بالغ الأهمية قبل ان يستفحل الاستخدام الإجرامى للشبكة العنكبوتية والانسياق إلى الأبشع والأخطر. وفى انتظار ان توقع على المتهمين عقوبات لهم. وإذا كان وباء الكورونا وكارثة تغير المناخ قد اثبتا ان التعاون بين الشعوب يمثل ضرورة من أهم ضرورات الإنقاذ، فالتعاون فى صد تمادى وانفجار وضلال الاستخدام الالكترونى يحب ان ينضم إليهما وان ينتبه الآباء والأمهات مبكرا وفى سنوات التكوين الأولى إلى وضع حدود لعلاقة أبنائهم بهذه الأجهزة وان يتبنى الإعلام المهنى المحترم دعم مواجهة المجتمع للكارثة الالكترونية من خلال خبراء وأخصائيين يوضحون الوسائل العلمية والنفسية لمنع سيطرتها على أبنائنا.
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: