رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
شريكان وليسا حليفين

يبدو مُتعجلاً ما ورد فى كثيرٍ من وسائل الإعلام عن تحالفٍ صينىٍ- روسىٍ فى مواجهة الغرب بعد قمةُ بوتين وشى بينج فى بكين قبل أيام. التحالفاتُ لا تظهرُ بشكلٍ تلقائىٍ نتيجةِ تطورٍ فى العلاقات بين دولتين أو أكثر، مهما يبلغ هذا التطور. لا يمكنُ الحديثُ عن تحالفٍ لم يُبرمه طرفاه، ويُعلناه. وما بين روسيا والصين حتى الآن هو معاهدةُ حُسنُ الجوار والصداقة والتعاون التى مُددت العام الماضى للمرة الرابعة. ولا تزال الصينُ ملتزمةً بسياستِها التى تقومُ على عدم مجاراة الغرب فى بناء تحالفات.

غير أن هذه السياسة يمكنُ تغييرُها فى أى وقت. وليست هى بالتالى ما يمنعُ الصين من تطوير علاقاتها الوثيقة مع روسيا إلى تحالف، بل عواملُ موضوعيةُ عدة مرجعُها الأساسى أن أكثر ما يجمعُ الدولتين هو السعى إلى تحجيم دور طرفٍ ثالثٍ، ومحاولة تغيير نظامٍ عالمىٍ يتمسكُ به، فى الوقت الذى تقلُ القواسمُ المشتركةُ بينهما.

وهذا هو الفرقُ الجوهرىُ بين العلاقة الروسية-الصينية الآن، والتحالف الغربى الذى لا يمثلُ حلفُ الناتو إلا جزءًا منه، وكذلك التحالف الشرقى السوفيتى الذى كان أكبر بكثير من حلف وارسو. يقوم التحالفُ الغربىُ، ونظيرهُ السابقُ، على نموذجٍ مُتكاملٍ فى السياسة والمجتمع والثقافة والقيم وأنماط الحياة. وهذا ما تفتقرُ الصينُ وروسيا إلى مثله.

تسعى الصينُ بمفردها إلى تطوير نموذجٍ جديدٍ يتطلعُ قادتُها لأن يكون جاذبًا لغيرها، ومنافسًا للنموذج الغربى، وعنوانًا تُدرجُ تحته جوانبُ قوتها الناعمة التى حققت تقدمًا فيها.ولا تحظى مسألةُ النموذج باهتمامٍ يُذكرُ فى موسكو، بخلاف الاتحاد السوفيتى السابق. القوةُ الخشنةُ هى ما تعتمد عليه روسيا. وصناعةُ السلاح هى أهم ما يبرعُ فيه الروس، الذين مازالوا بعيدين عن امتلاك قدرةٍ يُعتدُ بها فى مجالات التكنولوجيا الأكثر تقدمًا التى طرقت الصينُ أبوابها بقوة. كما أن الصين عملاقُ اقتصادىُ ضخمُ تُغرقُ منتجاتُه أسواق العالم، بخلاف روسيا التى يعتمدُ اقتصادُها على تصدير الغاز والنفط والسلاح.

ولهذا تستطيعُ الصينُ وروسيا أن تتعاونا وتتشاركا. ولكن ما يجمعُهُما لا يكفى لبناء تحالفٍ حتى إذا غيرت الصينُ سياسة الامتناع عن إقامة تحالفات.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: