رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اللغة العربية .. أزمة لغة أم محنة أمة؟

أصبحت قضية اللغة العربية حديث الشعوب العربية بلا استثناء وإن تفاوتت درجة الاهتمام والمتابعة..إن الجميع يشعر بحجم الكارثة وضخامة المسئولية وصعوبة الحل..خاصة أن أحوال اللغة العربية قد وصلت إلى درجة من السوء يمكن أن تهدد هذا الكيان التاريخى والحضارى وتضع شعوب هذه الأمة أمام كارثة تهدد وجودها فى الحياة..

< إن أسباب الأزمة ليست بعيدة عنا، ولكن هناك أطرافا كثيرة تسهم فيها جهلا أو إهمالا أو تواطؤا..نحن أمام أزمة حقيقية فى أهم مقومات هذه الأمة والظواهر واضحة وهى تشبه المريض الذى تسوء حالته كل يوم والجميع يعرف الداء ويبحث عن خلاص..لقد وصلتنى ردود أفعال كثيرة من القراء والباحثين وعشاق اللغة العربية وما أكثرهم، وفيها من يذكر الأسباب وفيها أيضا من يطرح الحلول..

< أولاً:لا نستطيع أن نتجاهل قضية إهمال اللغة العربية فى مناهج التعليم والأزمة تبدأ فى المناهج نفسها أو فى غيابها تماما..إن نصيب اللغة العربية من حيث المكانة والدرجات والأهمية يضعها فى آخر منظومة التعليم فى الوطن العربى كله فى كل مناهج التعليم..

هذه رسالة من د.م. هانى عيسى الفقي

ــــ الحل فى رأيى المتواضع فى يد وزارة التربية والتعليم أولاً وأخيرا لقد كنا أقوياء فى هذه اللغة، وكنا نتمتع بجمالها وجمالياتها لأن الاهتمام بتدريسها فى جميع المراحل التعليمية كان صحيحا للغاية..مناهج قوية ودرجات عالية تؤثر فى المجموع الكلى للطالب وبالتالى فى مستقبله العام الذى يتطلع إليه..أما الآن فما نسمعه هو العجب العجاب مادة لتحصيل الحاصل لا تؤثر فى شىء بالمرة، لهذا فقدنا الاهتمام بها وبإجادتها..إلى جانب وجود المدارس الدولية التى انتشرت ولا نعلم صحة هذا الكلام أن كلها أو بعضها لا يدرس هذه اللغة على الإطلاق، والاهتمام بالمناهج التى تسمى دولية والتى ترتبط بلغات أخرى غير العربية..الموضوع يحتاج إرادة قوية بتدريس هذه اللغة للجميع فى جميع أنواع المدارس، وجعل درجاتها مضاعفة لأى مادة أخرى حتى تكون هناك دوافع لإجادتها حتى تكون ذات تأثير فى المستقبل العام للطالب..أما المناشدات فلا تأثير لها على الإطلاق فى واقع الأمر..أرى أن تتم تعلية قيمة اللغة العربية بالبدء من الصغر بمعنى أدق تأكيد تعلم اللغة العربية وجعلها المادة الأساسية وبدرجات عالية فى كل السنوات الدراسية..

< ثانياً: إن التعليم الأجنبى اجتاح العالم العربي، وكثير من مناهجه لا يهتم باللغة العربية، لأن اللغات الأجنبية لها أولوية خاصة، وبعض المناهج فى المدارس الأجنبية لا تعترف باللغة العربية ولا تهتم بها ولا تدرسها..إن التعليم الأجنبى ضرورة، ولكن ينبغى ألا تكون اللغة العربية هى الضحية..

وتقول ا.د. سلوى عبد العزيز كامل / أستاذ اللغويات بقسم اللغة الانجليزية كلية الآداب جامعة القاهرة

ــــ منذ التوسع الأفقى فى التعليم بعد ثورة ٢٣ يوليو دون إعداد كوادر كافية لهذا التوسع فخريج فلسفة كان يدرس انجليزى وخريج علم نفس يدرس لغة عربية المهم يدرس والسلام..بحكم منصبى وعملى حضرت هذا التدهور فى التعليم منذ ذلك الوقت..أما الخطر المحدق باللغة اليوم فيتجلى فى عدم اهتمام المسئولين أنفسهم باللغة..لا يهتم المسئول مهما يكن موقعه بأن يراجع له أحد خبراء اللغة الخطبة قبل إلقائها..فتجده يرفع المنصوب وينصب المجرور الخ..فى سلسلة من الأخطاء اللغوية المفجعة..ولا أعفى أحدا..شىء مؤذ للآذان بشدة، ناهيك عن المذيعين ومقدمى البرامج الإذاعية والتليفزيونية..لكن لا أفهم علاقة قراءة القرآن فى وسائل الإعلام باللغة وتحسين وضعها..لأن اغلب الناس يقرأون الكتاب فى الأتوبيس والمترو..لا أعتقد أن تؤثر إذاعة القرآن فى وسائل الإعلام كثيرا..فهناك إذاعة القرآن الكريم التى تجدها فى كل تاكسى وكل سوبر ماركت..أيضا لا علاقة فى نظرى بين تدهور اللغة والمدارس الأجنبية..فعدد طلابها أقل بكثير من المدارس الحكومية..

< ثالثا: من حق الأسرة العربية أن تفخر بأبنائها، الذين يجيدون اللغات الأجنبية ولكن من العار ألا يتحدثوا لغتهم..إن إهمال الأسرة للغة العربية كان من أسباب انهيارها، وسوف تظهر أجيال لا تتحدث لغتها، ولا تعرف شيئا عن ثقافتها..

وعلق د.على أحمد على أستاذ اقتصاد

ــــ شغلت مشكلة ضعف اللغة العربية وسوء استخدامها وعدم الاعتناء بها فكر وبال كل المهتمين بها..ولقد كثرت التفسيرات فى هذا الخصوص، قد اغفلوا سببا آخر مهما جدا وهو أن الجهات الحكومية وشركات الأعمال العام والخاص والاستثمارى تشترط عند طلب تعيين موظفين فيها ضرورة اجتياز المتقدم للوظيفة اختبارات اللغة الأجنبية، وذلك على اعتبار أن اللغة العربية هى اللغة الأم دون النظر إلى مدى تمكن المتقدم من اللغة العربية قراءة- كتابة- ومدى معرفته بالقواعد الأساسية للغة..ومن هنا نجد أن الطالب وذويه يحرصون على الاهتمام باللغة التى سوف يتم الاختبار فيها مع عدم الاهتمام بلغته الأصلية، هذا من جهة ومن جهة أخرى أنا لا أهاجم التعليم الفني، وإنما أشير إلى جانب من القصور فيه فطلاب المدارس الفنية (تجارى صناعى) لا يعرفون أى شىء عن اللغة العربية..

< رابعا: خطأ كبير أن تكون اللغات الأجنبية هى أسلوب التخاطب والتعامل بين مؤسسات عربية مسئولة.. بل إن كبار المسئولين يخطئون فى نطق اللغة، ولا يكلفون أنفسهم مهمة أن يراجعها لهم أحد..إن الكثير من الحوارات واللقاءات على الشاشات وفى الاحتفالات تنتهك فيها حرمة اللغة العربية فى مناسبات كثيرة..

الدكتور/محمد إبراهيم المصرى أستاذ هندسة المكروتشبس بجامعة واترلو بكندا..

ــــ بمناسبة الحديث عن اللغة العربية أولا: فى علم بناء الحضارات لابد من الاهتمام بهذا الترتيب : لغة الأم سواء يتكلمها فى العالم٣٠٠ شخص أو٣٠٠ مليون ، ثم بالدين أو الأيديولوجية ، ثم بالثقافة المحلية ، ثم بالعلوم.. ومن النماذج التى اتبعت ذلك الترتيب: الحضارة الإسلامية قديما، وحديثا إسرائيل ومقاطعة كوباك فى كندا.. ولهدم أى حضارة لابد أن تهدم بنفس الترتيب.. مثل ما فعلته فرنسا فى الجزائر ، وأوروبا فى الأمريكيتين.

لا يوجد ــ استفادة جيدة فى مصر المحروسة فى 16 سنة بمراحل التعليم من أى من العوامل السابق ذكرها..مثلا يا سيدى لو طلبت من أى خريج جامعة يتكلم بالعربية الفصحى لخمس دقائق أو اسأله أيا من أدباء العرب قرأ له!!!

ــ يجب إضافة الانجليزية للعوامل السابقة لأهميتها، كذلك كانت اللغة العربية قديما وكتب بها مثلا عالم اليهودية العملاق موسى بن ميمون الذى ولد فى الأندلس وتوفى ودفن فى القاهرة..

ــ «ماليزيا نموذجا» - حيث كنت مستشارا هناك..فماليزيا فى صف الدول المتقدمة باقتصاد قوى وصناعة المكروتشبس وصناعة السيارات، وتعليم وصحة مجانين ونظام سياسى ديمقراطى قوى ولا يوجد إرهاب ونسبة بطالة صفر والعمالة منخفضة التعليم تأتى من إندونيسيا وبنجلادش..واهتمام شديد بلغة الأم والكل أيضا متميز فى الانجليزية إلى جانب الاهتمام المطلق «بالمعلم مرتبا وتعليما وتقديرا وتدريبا» فأصبحت كليات التربية من كليات القمة وأصبح تقدم ماليزيا مستداما وأصبح الماليزى ذا هوية وولاء..

< خامسا: هناك تصور خاطئ أنه لا علاقة بين اللغة العربية والقرآن الكريم..وبعيدا عن الجانب الدينى فإن القرآن من أهم مصادر اللغة العربية وفى مدارسنا فى أزمنة مضت كان مقررا علينا حفظ بعض الآيات القرآنية وكنا نؤدى الامتحان فيها، ولا شك أن القرآن الكريم من أهم مصادر الحماية للغة العربية..

موفق القبيسى / سوريا

ــــ نحن اليوم بحاجة إلى أمرين:محو الأمية لمن لا يحسن القراءة والكتابة..محو الأمية الفكرية لمن يسمُّون أنفسهم «المتعلمين»وهم فئة كبيرة من الكُتّاب والمحامين والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال ممن تفكر عقولهم بغير لغتهم الأم «اللغة العربية» ناهيك عن كونهم لا يفقهون عنها شيئا.. هذا التغريب الذى أصاب الأمة عامة، والمثقفين فيها خاصة؛ يحتاج إلى إعادة تنظيم وترتيب ليرجع حال اللغة العربية إلى سابق عهده.. أما محو الأمية فلى فيه تجربة جيدة. ففى 1982 قدَّر الله لى أن أرأس إدارة إحدى شركات صناعة الملابس، وكان عدد عمالها يفوق 50 عاملاً، ومن خلال بحث ومراجعة ملفاتهم؛ تبين أن أكثر من ثمانين فى المائة منهم لا يحسنون القراءة والكتابة،ولذلك وضعتُ خُطةً يتم تنفيذها خلال سنة؛ برفع أمية العاملين،والاستغناء بعدها عن خدمات من لا يقرأ ولا يكتب،وأحضرت شيخا أزهريا وقمت بتوظيفه بالشركة ليقوم بمهمتين:الأولى: تحفيظ القرآن الكريم للعمال..والثانية:أن يقوم بتعليمهم القراءة والكتابة..ووضعت حافزا ماليا وقدره: مائة جنيه مصرى فى ذلك الوقت.. وهنا اقترح أن تكون مادة اللغة العربية من المواد الأساسية التى تُسقِط كل المواد فى حال رسوب الطالب بامتحانها..عدم قبول أى شخص فى أى وظيفة من وظائف الدولة حتى يكون متقنا اللغة العربية نطقا وكتابة..التشديد على من يتولى أى منصب رفيع من مناصب الدولة بضرورة إتقانه اللغة العربية قراءة وكتابة وارتجالا..

< سادسا: كثيرا ما أتعجب من استخدام اللغة العامية فى المقالات وبعض الأعمال التى تتمسح فى الإبداع ومنها ما يسيء للغة العربية ويهبط بمستواها، وقليلا ما تجد مذيعا على الشاشات يتحدث لغة عربية سليمة..

< سابعا: إن عشرات المحلات والمطاعم والفنادق والمدارس والجامعات التى تعلق أسماءها باللغة الأجنبية يٌعد إهانة للغة القرآن واستخفافا بها وإهدارا لحق الشعوب فى احترام لغتها والحرص عليها..

< ثامنا: منذ سنوات أمام مجلس الشعب المصرى مشروع قانون يعالج كل هذه الأسباب مقدم من مجمع اللغة العربية ، ويمنع كل هذه الظواهر السلبية التى أساءت كثيرا لواحدة من أعظم لغات العالم..

 

ويبقى الشعر

تغيبينَ عنـي..

وأمضى مع العُمر مثلَ الســـحابِ

وأرحلُ فى الأفقِ بينَ التمنِّــي

وأهربُ منكِ السنينَ الطوالَ

ويوماً أضيعُ..ويومَاً أغنِّــي..

أسافرُ وحدى غريباً غريبا

أتوه بحلمى وأشقى بفنِّــي

ويولَـدُ فينا زمانٌ طريدٌ

يخلِّفُ فينا الأسى..والتجنيّ..

ولو دمَرتنا رياحُ الزمانِ

فما زال فى اللـحنِ نبضُ المُـغنّي

تغيبينَ عني..

وأعلمُ أنَّ الذى غابَ قلبــــي

وأنى إليكِ..لأنـكِ منِّـي

> > >

تغيبينَ عني..

وأسألُ نفسى تُـرى ما الغيابْ ؟

بعادُ المَكانِ.. وطولُ الســفرْ!

فماذا أقول وقد صرتِ بعضي

أراكِ بقلـبـــي.. جميعَ البشـَــــرْ

وألقاكِ.. كالنور مأوَى الحيارىَ

وألحانَ عمرٍ شجىِّ الوترْ

وإنْ طالَ فينا خريفُ الحياة

فما زال فيكِ ربيعُ الزهرْ

> > >

تغيبين عني..

فأشتاقُ نفسي

وأهفو لقلبـــى على راحتيكِ

نتوهُ..ونشتاقُ نغدو حَيارى

وما زال بيتــَي..فى مقلتيـكِ ..

ويمضى بيَ العـمـرً فى كـل دربٍ

فأنسى همومى على شاطئيكِ ..

وإن مزقتنا دروبُ الحياة

فما زلتُ أشـــعر أنى إليكِ ..

أســـافرُ عمرى وألقاكِ يوماً

فإنى خُلقتُ وقلبى لديكِ ..

> > >

بعيدان نحنُ ومهما افترقنا

فمازال فى راحتيكِ الأمانْ

تغيبين عنى وكم من قريبٍ ..

يغيبُ وإن كان ملءَ المكانْ

فلا البعـدُ يعنى غيابَ الوجوه

ولا الشَّـــوقُ يعرفُ..قيدَ الزمانْ

قصيدة "لأنك منى" سنة 1983

[email protected]
لمزيد من مقالات يكتبها ــ فاروق جويدة

رابط دائم: