مهما يكن من أسباب النزاع بين روسيا وأوكرانيا فإن الفرصة لم تفت بعد لتجنب الصدام المسلح الذى قد يتحول إلى مأساة إذا وقعت الواقعة وأفلت الزمام لا قدر الله!
ولا شك أن مبعث الخطر والقلق بشأن الأزمة الأوكرانية لا يعود إلى نبرة التشدد فى الخطاب السياسى المتبادل بين موسكو وكييف وإنما الخطر يتمثل فى تصاعد أصوات دق الطبول فى واشنطن وعدد من عواصم حلف الأطلنطى بأنغام الوقيعة والتحريض التى ترفع من درجة حرارة التوتر والقلق وتعرقل جهود السلام والتوفيق وتقطع الطريق على إمكانية احتكام روسيا وأوكرانيا لمائدة تفاوض يدور حولها نقاش جاد وصريح يتناول حجج كل طرف منهما وما يملكه من أسانيد.
ولا شك فى أن مواصلة روسيا لحشد قواتها على طول الحدود مع أوكرانيا هو الذى يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها المبررات والذرائع للدخول المباشر على خط الأزمة تحت مسمى الدعم الواجب والضرورى لقوات حلف الأطلنطى فى شرق أوروبا وتلك تطورات مؤسفة تزيد من حدة الصراع وتكاد أن تغلق تماما أبواب التفاوض التى تزعم روسيا وأمريكا أنها مازالت مفتوحة!
إن قعقعة السلاح دون إطلاق الرصاص بدأ يعلو صوتها مع تنامى الحشد والحشد المضاد على جبهة المواجهة بطول وعرض الساحة الأوكرانية وهذا فى حد ذاته تطور بالغ الخطورة ولكن ما يحتمل أن يلى ذلك قد يكون أخطر وأفظع وأبشع إذا لامست الأصابع أزندة البنادق ولو عن طريق الخطأ غير المقصود!
وإذا كانت لغة الخطاب السياسى الصادرة عن موسكو منذ بداية الأزمة تؤكد أن الرئيس بوتين لن يتزحزح خطوة واحدة عن مطلبه بإزالة أية مظاهر للاستفزاز العسكرى من جانب أمريكا وحلف الأطلنطى فى أوروبا الشرقية فإن إشارات عديدة صدرت من واشنطن تقول بأن رهان الروس على حرص الرئيس بايدن على عدم الذهاب بعيدا فى لعبة التصعيد العسكرى هو رهان خاطئ وأن بايدن على وشك أن يمضى فى الشوط إلى آخره وفق حسابات دقيقة توفر الدعم الكافى لأوكرانيا وتعزيز مقدرتها على مواجهة أى غزو روسى محتمل ودون أن يتراجع بايدن عن التزامه للأمريكيين بعدم التورط فى مغامرات عسكرية جديدة لا تستوجبها الضرورات المسلحة لحماية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية على المدى القريب والمدى البعيد!
وما أبعد المسافة بين منطق الولايات المتحدة ومنطق روسيا تجاه الأزمة وهذا وضع لا يحتمل بعد حد معين.. وقد يكون مفيدا وضروريا الاستفادة من أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 التى تم احتواؤها بتنازلات متبادلة بين واشنطن وموسكو!
خير الكلام:
<< السياسة حرب باردة.. والحرب سياسة ساخنة!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: