رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
نَقلاتُ «صغيرةُ» على اللوحة

بدأ الرئيسُ الروسىُ فلاديمير بوتين فى تحريك أول قطعةٍ على لوحة شطرنج الأزمة المتصاعدة انطلاقًا من أوكرانيا. أخذ وقتًا طويلاً فى التفكير بعد أن حشد قواته على الحدود مع أوكرانيا، ليس لأنه فى حيرة فقط، ولكن لكى يُحير اللاعب الثانى ومن معه أيضًا.

المناوراتُ والتدريباتُ العسكريةُ التى تمتدُ عبر مساحةٍ واسعةٍ من مياه الكوكب تشبهُ نقلةً أولى صغيرةً فى مباراةٍ ربما تأخذ وقتًا أطول من توقعات خصومه الذين يقصد إثارة حيرتهم.

توقعوا من قبل أن يبدأ بوتين المباراة من آخرها ويغزو أوكرانيا فى منتصف يناير الحالى ، فبدوا كما لو أنهم يقرأون فى الفنجان وليس فى كتب العلاقات الدولية والاستراتيجيات العسكرية.

اختار نقلةً صغيرةً انتظاريةً فى الوقت الذى توقعوا نقلةً كبيرةً هجوميةً. حرَّك بيدقًا على اللوحة، فى حين توقعوا أنه سيستخدمُ الوزير، أو على الأقل طابية. أطلق الكرملينُ مجموعة مناوراتٍ وتدريباتٍ واسعةٍ ستستمرُ حتى الشهر المقبل فى البحر الأبيض، وشمال شرق المحيط الأطلسى، ومناطق فى المحيط الهادئ، بينما انتهت للتو مناوراتُ عسكريةُ مشتركةُ مع الصين وإيران شمال المحيط الهندى.

نقلةُ صغيرةُ، ولكنها تحملُ رسائل لخصومه الذين ردوا بنقلة أصغر، إذ نقلوا بعض الأسلحة الموجودة فى بلدان البلطيق الثلاثة إلى أوكرانيا، إلى جانب تدريبات كانت مُقررة لـ«الناتو» فى البحر المتوسط, وأخذوا ينتظرون النقلة الروسية الثانية.

ولأن بوتين حائرُ، ومُحيرُ، فى آنٍ معًا، يصعبُ توقعُ هل ستكونُ نقلتُه القادمةُ صغيرةً أيضًا، أم أكبر، وبأى حجم؟ وإذا أجرينا عملية مُحاكاة Simulation اليوم، ربما يُخبرُنا من يؤدى دور بوتين أن لديه خياراتٍ عدة تدخل فى نطاق النقلات الصغيرة والمتوسطة أو أقل من متوسطة. وامتدادًا للنقلة الأولى، يمكنُ أن تكون الثانيةُ فى البحر أيضًا، ولكن فى مسرح العمليات نفسه هذه المرة، وربما فى البحر الأسود. يمكن اتخاذ مزيد من الإجراءات لتقييد حركة السفن المتجهة إلى ميناءى ماريوبول وبيرديانسك، أو إلى ميناءى أوديسا وميكولايف, بما لذلك من آثار اقتصادية واستراتيجية.

يُجيد بوتين لعب الشطرنج، الأمر الذى يضعُ فريق بايدن فى اختبار غير عادى.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: 
كلمات البحث: