رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

روح «شرم الشيخ» عُصارة المعجزة المصرية

لم تجتمع لمدينة جديدة فى عالمنا كله من قصص مثيرة، ودقيقة، وأحداث، وتاريخ موحٍ، ومعبر، جعل منها مدينة عالمية بمقاييس العصر، وجودته، ومكانته الفائقة- مثلما اجتمع لمدينة «شرم الشيخ» المصرية، فأينما وليت وجهك فيها، وفى أى بقعة منها، وجدت تاريخا، وأحداثا متناثرة حولها، تحكى قصة مصر، ومعجزتها الجديدة.

مدينة لا تتثاءب على الإطلاق، ولا تشبع من الأحداث، والتطورات الجميلة، والمبهرة، إن لم تكن الأعمق، والأكثر تأثيرا فى الإنسان، والعالم كله.

لم تكتفِ شرم الشيخ بأن تكون عاصمة السلام، والطبيعة، والتكنولوجيا، وقد كانت فى البدء بقعة الجمال العالمى، فهى الآن تتهيأ لتجلس على عرش جديد، مختلف، لن يعيش عقدا، أو عقودا مقبلة فقط- إن لم يكن عرشا ممتدا للقرن الحالى- بل للإنسانية كلها فى قرونها المقبلة، فهى عاصمة الحضارة المقبلة، أو المتجددة من أعماق التاريخ. لم تعد شرم الشيخ أيقونة السياحة المصرية فقط، وهى التى تجذب ٣٠% من سائحى العالم لمصر، كما لم تعد مدينة المنتديات، والمؤتمرات الدولية، فقط، التى تجذب العالم إلى شواطئها، وتجذب قاعاتها العصرية للاجتماعات، وفنادقها المبهرة، أهم المؤتمرات فى عالمنا، وآخرها مؤتمر التنوع البيولوجى، الذى كان مقدمة مدهشة، بل مذهلة، لمؤتمر المناخ العالمى المقبل بشرم الشيخ نهاية العام الحالى ( كوب 27)، وهو الجمعية العامة للأمم المتحدة الأكثر تأثيرا فى عالمها فى القرون المقبلة قاطبة. سوف تكون قمة المناخ المقبلة فى مصر (شرم الشيخ) مدهشة، لأنها ستجمع الأمريكى مع الصينى، مع الروسى، مع الأوروبى، مع اليابانى.. ستجمع القارات.. ستجمع المتنافسين، والمتضادين.. الذين لم تستطع أوروبا، وأمريكا، بقوتيهما، جمعهم فى جلاسجو، أو باريس، من قبل معا، ستجمعهم شرم الشيخ على مائدة حوار مستديرة واحدة، لإنقاذ العالم، والكرة الأرضية. هذه المدينة كانت محط اهتمام العالم مع بداية العام الحالى ( ٢٠٢٢ ) بتنظيمها أول محفل دولى، ونحن مازلنا تحت ظلال الجائحة العالمية، التى ألمت بالإنسانية منذ عامين، وعرفت بـكورونا (كوفيد- 19).. مازلنا نلملم شتات العالم، ومدنه الكبرى (أوروبا، وأمريكا، وآسيا)، حيث لم تخرج هذه المدن بعد من الأحداث المؤلمة، والصعبة، والدقيقة، نتيجة الجائحة، وقد فوجئت بعظمة المصريين، يجمعون شباب العالم فى مؤتمر دولى متكامل العناصر.

كانت شرم الشيخ جاهزة، بل حاضرة، لاستقبال الشباب، ٣٠٠٠٠ ألف ممثل، وشاب، يمثلون كل عواصم العالم الأكثر تأثيرا، وحضورا.. الشباب، الذى يملك التكنولوجيا، والمهارات الحديثة، اجتمع فى شرم الشيخ لكى يرسل للعالم رسالة، هى أنهم انتصروا على الجائحة، ولم يعودوا خائفين منها، وكانت شرم الشيخ الحاضرة الحاضنة للحدث تستمع لهم، وهم يقولون إننا فى عاصمة السلام وضعنا قضايا العالم الحيوية أمامنا، ولنا فيها رأى مُعمّق، ولم يبقِ لدوائر صناعة القرار فى عالمنا سوى الإنصات إلى ما سوف يُثار، وما سيصدر من آراء، ومقترحات، ووجهات نظر، لا لشىء إلا لأنها تصدر عن شباب فى مدينة عاشت تُرّوج للسلام، وتدعو إليه.

لن أتكلم عن تاريخ شرم الشيخ فى الثمانينيات، والتسعينيات، عندما بدأ مسار هذا السهل الصحراوى المنحدر من الجبل، ويطل بحافة صخرية على البحر الأحمر، فمنطقة شرم الشيخ وما يجاورها من شروم، وهى خلجان، يمكن تعريفها إجمالا بأنها الشريط الساحلى الممتد من رأس محمد جنوبا حتى رأس نصرانى فى الشمال، بطول ٣٠ كيلو مترا، وتملك شرم الشيخ فى رأس نصرانى ثروة جمالية لا مثيل لها عبارة عن بروز لرصيف الشعاب المرجانية يمتد داخل البحر، وتعتبر الحد الفاصل ما بين جسم البحر الأحمر وذراعه الممتدة شمالا باسم خليج العقبة. هذه المدينة، دخلت تاريخنا المعاصر حديثا، بعد رفع علم مصر على رفح فى ٢٥ أبريل ١٩٨٢ ، وقد أطلق عليها الإسرائيليون عوفيرا، مستوطنة، وجعلوها مقرا لقواتهم الجوية، وهى الميناء، أو النقطة، التى وضع عندها ناصر مدفعا كبيرا على شاطئ رأس نصرانى حتى يسد المضيق، فقامت حرب ١٩٦٧ ، وسنة ٦٨ أخذت إسرائيل سيناء كلها، وجعلت شرم قاعدة إستراتيجية لها، وظلت تحت سيطرتها ١٤ سنة، وبعد انسحابها، وتسليم إدارتها إلى المخابرات العامة المصرية، أصبحت حدثا عالميا، ليس مدينة للمؤتمرات فقط، بل هى مدينة أصبحت تملك تاريخا يفوق مدينة نيويورك الأمريكية، ولا يمكن مقارنتها بمدينة أخرى شرق أوسطية، أو أوروبية، فهى مدينة عالمية استبقت السياسيين، والصحفيين، وزعماء العالم، وأصبحت ليس مدينة سياحية، بل مدينة سياسية ذات طراز رفيع، ومكانة دولية لا تُضاهى، فهى مدينة القمم، منذ قمة صانعى السلام ١٩٩٦ ، واتفاقيتى واى ريفر ١ و ٢ ، والقمم العربية المتتابعة، يؤمها زعماء العالم، لكى يروا كيف صنعت مصر السلام العالمى، والإقليمى، فى محيطها، ويقصدها العالم، اليوم، لكى يعرف كيف استطاعت مصر هزيمة الإرهاب، والتطرف، وأصبحت آمنة، وسيناء فى قلبها، وحديث العالم.

لا يمكن لرئيس، أو مسئول، أو دولة، فى العالم، اليوم، تحمل هذه المسئولية الكبرى (مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ)، ولقاء الآلاف من شباب العالم، الذين أثروا هذا الحوار الخلّاق، والحر، فى كل القضايا الصعبة، والشائكة، بما فيها الخلافية، مثل قضايا البيئة، والسياسة، والاقتصاد، وحقوق الإنسان، والتنوع البيئى، والعرقى، والاختلاف بين الناس- إلا مصر، ورئيسها، عبدالفتاح السيسى، الذى استضافهم، واستمع لهم، بكل ترحاب، وهم يعبرون عما بداخلهم أمام العالم كله، فى أجمل بقاع الأرض سحرًا، وجمالا، (شرم الشيخ)، رمز السلام العالمى، والأهم أنه اعتمد ليس على تاريخها، وجمالها، فقط، بل على مستقبلها، وعلى شبابها، أصعب، وأدق، وأغنى، ثروات الإنسانية، والبشرية.

لقد كتب مؤتمر الشباب رسالة احترام لمصر الراهنة، والمعاصرة، وكذلك لمصر المستقبلية،

فتحية لمصر، وقيادتها، واحتراما متزايدا لشرم الشيخ، ومستقبلها، وما ينتظرها من تطورات مبهرة، والتى سيجتمع فيها العالم، ورجالاته، فى السياسة، والاقتصاد، والبيئة، طوال العام المقبل.


لمزيد من مقالات أسامة سرايا

رابط دائم: