سكن الموت حينا هذه الأيام! كان يسكن بعيدا، لا نتذكره إلا عندما يزورنا بين وقت وآخر...، هو ضيف ثقيل لا مفر من استقباله ومجاملته، قبل أن يرحل فننساه أو نتناساه! ولكنه الآن يعيش بيننا، فلا يمكننا نسيانه أو تجاهله! اختطف الموت أخى الكبير العزيز جابر عصفور.
لقد عرفت جابر متأخرا بعض الشىء، ولكننى أحسست أنى أعرفه من بداية عمرى. أحببت واحترمت إيمانه الذى لم يتزعزع أبدا بالعقلانية والتنوير، مثلما أحببت شخصه الراقى الرائع، وابتسامته الرقيقة المحببة.
لم أكن أقابل جابر كثيرا، ولكننى حرصت على قراءة كل ماوصلنى من انتاجه العلمى والأدبى، الغزير والخصب.
آخر مرة كلمته فيها علقت على مقالاته، قلت له لماذا تكتب مقالات مسلسلة، أفضل أن يكون كل مقال لك بالأهرام مستقلا بذاته، فقال بتواضع رائع جميل حاضر!. اختطف الموت الزميل العزيز إبراهيم حجازى... لم يكن هناك، عندما التحقت بالأهرام، أي شيء مشترك بين عالمينا، فانا أنتمى إلى مجال العلوم السياسية والدراسات السياسية، وهو مغموس في عالم الرياضة والصحافة الرياضية، وأصبح في مقدمة أعلامها في مصر والوطن العربى، وأسس باقتدار مجلة الأهرام الرياضى.
غير أننى تعاملت معه مباشرة في المرة الوحيدة التي كنت فيها عضوا بمجلس نقابة الصحفيين، فكان نعم الصحفى، ونعم النقابى، الجاد والمسئول، الذى حظيت بمزاملته. اختطف الموت القاضية الجليلة، والمدافعة الصلبة الجسورة عن الدولة المدنية، الأستاذة تهانى الجبالى، صاحبة أعلى منصب قضائى تحتله المرأة في مصر، وذات الحياة المهنية الحقوقية والمهنية الحافلة.
لقد عرفتها في غمار انتفاضة يناير 2011 فشرفت بالتعرف عليها وأدهشتنى كثيرا شخصيتها القوية الصلبة، ودفاعها القوى الذى لا يلين عن الدولة المدنية، في مواجهة الدولة الدينية التي سعى الإخوان المسلمون إلى إقامتها، بعد اختطافهم لانتفاضة يناير 2011.
اختطف الموت الصحافى والإعلامى الكبير وائل الإبراشى الذى سعدت باستضافته لى أكثر من مرة في برامجه الناجحة، لفت نظرى سعيه الذكى لأن يستخلص من ضيوفه ما يريده هو، وليس مايريدونه هم فقط! اختفاء شخصيته السمحة، ووجهه المريح من شاشة التليفزيون يجعل المشاهدين يتذكرون دوما كورونا اللعينة وما أحدثته من وقائع حزينة، كان الموت بطلها!
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: