أغرقت السيول والأمطار عروس البحر وواجهت الإسكندرية واحدة من أخطر النوات فى تاريخها حتى وصل ارتفاع الأمواج إلى أكثر من خمسة أمتار .. كان اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية واضحا وصريحا وهو يؤكد أن إنشاء شبكة جديدة للصرف الصحى يتطلب ١٥ مليار جنيه ويتطلب أيضا تغيير كل شبكات المياه والكهرباء، وذلك يحتاج الكثير من الوقت وإجراءات كثيرة فى الشوارع والميادين، خاصة أن الأحياء القديمة تضم مئات العقارات المهددة بالسقوط .. نحن أمام نموذج من الإهمال وصل إلى هذه الدرجة من سوء الأحوال ويحتاج ميزانية ضخمة لمواجهة الظروف الصعبة التى يعانيها أبناء الإسكندرية كل عام أمام السيول والأمطار.. لقد أصيب سكان المدينة العريقة بحالة من الرعب حين أعلن أخيرا رئيس وزراء إنجلترا بوريس جونسون أن مدينة الإسكندرية مهددة بالغرق .. ورغم أن علماء مصر كذبوا هذه القصة إلا أن الأمطار الأخيرة طرحت سؤالا عن مخاطر التغيرات المناخية على العالم بما فى ذلك مدينة الإسكندرية.. لا شك أن إنقاذ المدينة العتيقة يحتاج إلى أموال ضخمة قد يكون من الصعب على الدولة أن تتحملها وهنا ينبغى أن يكون لأبناء الإسكندرية الأثرياء دور فى مشروعات تجديد مرافق المدينة.. إن فى الإسكندرية عددا كبيرا من الأثرياء ولا بد أن يشاركوا فى هذه المسئولية .. مازلنا نذكر أمجاد الإسكندرية وقصورها ولياليها وبحرها وناسها قبل أن تهبط عليها عشوائيات الأبراج وناطحات السحاب القبيحة .. يجب أن تعود المدينة الجميلة إلى أيامها حين كانت واحة للجمال والنظافة والهدوء .. إنها واحدة من أغلى كنوز مصر أرضا وناسا وحياة.. إن السيول والأمطار التى أغرقت عروس البحر تحتاج إلى وقفة تتجاوز فيها سوء الأحوال الجوية وتناقش سوء الأحوال التاريخية التى وصلت بها إلى ما هى فيه.. لقد كانت الإسكندرية تعانى الإهمال حتى وصلت إلى ما نراه الآن، والقضية لا تمس أشخاصا ولكنها تاريخ طويل من الإهمال والمعاناة.. ما حدث فى الإسكندرية هذا العام ليس شيئا عاديا ولهذا يجب أن ندرس الأزمة من جذورها ونأخذ كلام رئيس وزراء إنجلترا بجدية أكثر.
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: