تدخل الحموات فى تربية الأبناء يسبب الكثير من الضغط والإزعاج للأمهات, ويعد مصدرا رئيسيا للخلافات بين الجانبين، فالأم ترى ان من حقها وحدها تربية اطفالها بالطريقة التى تراها صحيحة وتعترض بعض الجدات وتزيد تدخلاتها، فتتضارب وجهات النظر بين الجانبين والتعامل مع الحموات من الأمور التى تحتاج إلى مهارة وحكمة بالغة، فإما أن تكون بداية للتواصل والتفاهم أو تصبح مليئة بالصراعات والخلافات التى لا نهاية لها. فهل من حق الحموات التدخل فى اسلوب التربية الذى تراه الأم وكيف تدير الام هذه الأزمة؟..
الدراسات العلمية فى هذا الموضوع عديدة ومنها دراسة لجمعية طب الأسرة فى كيلفلاند بالولايات المتحدة أشارت الى ان مشاركة الاجداد فى تربية الابناء ينعكس إيجابا على جميع الاطراف، فالاجداد المشاركون فى تربية احفادهم يتمتعون بصحة أفضل وتنخفض معدلات إصابتهم بامراض الشيخوخة والآباء الذين يعتمدون على الاجداد يتمتعون بصحة نفسية افضل ولا يشعرون بأعباء التربية مثل الذين يربون بشكل مستقل، اما الاحفاد انفسهم فهم اقل عرضة للمعاناة من المشاكل النفسية والعاطفية واكثر تفاعلا مع محيطهم واقل عرضة للإصابة بالاكتئاب مستقبلا، على الجانب الآخر نبهت دراسة لجمعية طب الاطفال الامريكية الى ان التدخل الخاطئ يفسد تربية الابناء خاصة فى ظل اختلاف اسلوب التربية والتدليل الزائد الذى يمارسه بعض الاجداد، وهو ما يسبب أيضا إرباكا للطفل بسبب تضارب المعايير والقيم وقد ينتج عنه تأخر نمو عامل الضبط الذاتى للطفل ويصبح فى حاجة دائمة للإرشاد والتوجيه الخارجى وبناء شخصية غير ناضجة تتلقى الاوامر من اكثر من جهة.. كما ان تقييم الطفل لتصرفاته قد يصبح لإرضاء الآخرين او تجنبا للعقاب وقد يعرضهم لمشاكل صحية ونفسية مثل تناول طعام غير صحي، ولاحظت الدراسة ان 30% من الاطفال الذين يعيشون مع اجدادهم يعانون من زيادة الوزن بالاضافة الى السماح بسلوكيات مرفوضة تؤثر على علاقتهم بأبويهم. وعلى ذلك فتدخل الاجداد وخاصة الحموات فى التربية يحتاج الى نوع من الضبط كما تقول د.هالة حماد استشارى الطب النفسى للأطفال والمراهقين والعلاقات الأسرية، التى تشرح أن العلاقة بين والدة الزوج والزوجة لابد أن تقوم على الحب والصداقة واللطف والاحترام المتبادل، وأن تتفهم الجدة جيدا أن لكل أم أسلوبها الخاص فى إدارة أمور حياتها وأنه لا أحد يقبل بالتدخل فى شئونه، فمن حق الجدات أن يمارسن فطرتهن مع احفادهن من حب ورعاية واهتمام، وان يتركن الأمهات يربين أبناءهن كما يردن وعدم انتقادهن فى ذلك، ويكون دور أم الزوج هنا من خلال تقديم النصائح فقط والبعد عن أسلوب السيطرة وفرض الرأى و هذا يكون تدخلا إيجابيا يفيد ولا يتسبب فى اى خلافات.
أما إذا كان التدخل من جانب والدة الزوج زائدا عن الحد ومتسلطا بشكل يصعب مهمة الام فى تربية ابنائها بالطريقة الصحيحة التى تريدها فتشير د. هالة إلى أن هذا يعد تدخلا سلبيا ولا يفيد فى شىء وقد يصبح مشكلة كبيرة تؤدى لمشاكل أكبر بين الزوجين بل والأسرة ككل، وهنا لابد من الجلوس معا لمناقشة الوضع بعيدا عن الطفل تماما والاتفاق على توحيد أسلوب التربية مع وضع قواعد وأسس لا يحيد عنها أى طرف وتكون بسيطة ومفيدة فى تربية الطفل بطريقة صحيحة
وتحذر استشارى الطب النفسى من حدوث التضارب والاختلافات بين الأم والجدة فيما يتلقاه الطفل فى مرحلة تنشئته لأن ذلك يفقد الطرفين مصداقيتهما عنده، كما لابد أيضا ألا تسمح الجدة للطفل بأن يقوم بأشياء غير مسموحة وضد إرادة الأم أو الأب من باب التدليل له.
من جانب آخر تشير د. إنشاد عز الدين أستاذ علم الاجتماع أنه لابد أن تكون هناك استراتيجية للتنشئة الاجتماعية موضوعة مسبقا من قبل الزوجين،اى أن يكون هناك اتفاق مسبق على آليات وأساليب التنشئة ولا يحق لأى شخص التدخل فيها من الأجداد إلا إذا كان هناك خلل واضح فى سلوك الأبناء نتيجة لتقصير أحد الوالدين لأى سبب، وهذه تجربتى الشخصية مع أحفادى وحفيداتى، ولا ننسى أن الإنصات والاستفادة من خبرات وتجارب الجدات الحياتية كنز لا يأتى فى يوم وليلة، ولكنه نتاج خبرة سنوات الحياة وربما تساعد فى حل مشاكل عديدة وتخطى عقبات كثيرة فيجب ألا ترفض الام تدخل الجدة نهائيا وتحاول ابعاد الاحفاد عنها ولكن عليها ان تستمع لها وتتقبل نصائحها وتناقشها بهدوء وتشركها فى عملية التربية ولا تحولها الى عدوة وند لها ولكن فى اطار الاهداف الموضوعة لتربية الطفل بين الزوجين. فمن حق الأم ان تربى ابناءها بالطريقة التى تراها صحيحة ولكن ليس من حقها ان تبعد الجدة عن احفادها فهى جزء مهم لسلامة بناء الشخصية ولصحة الطفل النفسية.
رابط دائم: