رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شتاء بلا كـورونا

حققت مصر خطوات كبيرة فى الوصول إلى هدف تطعيم 70% من المصريين بلقاح كورونا، ووسعت من أعداد المراكز، لسرعة الوصول إلى هذا المعدل الكبير الذى يضمن محاصرة الجائحة والقضاء عليها، ويجرى إنتاج ملايين اللقاحات داخل مصر، بعد إنشاء مصنع لقاح فاكسيرا – سينوفاك، الذى يحقق الاكتفاء الذاتى من اللقاح.

ونتيجة ذلك ظهرت النتائج الإيجابية بالانخفاض الواضح والكبير فى عدد الإصابات والوفيات، لكننا نحتاج إلى جهد إضافى وتعاون حكومى ومجتمعى من أجل تجنب زيادة أعداد الإصابات فى فصل الشتاء، الذى ينشط فيه الفيروس، وأن نوسع من دائرة الوعى بأهمية التقدم للتطعيم باللقاح، وجعله إجباريا فى القطاعات الحيوية، خاصة العاملين فى المطاعم والمقاهى والخدمات العامة، ومقدمى خدمة التوصيل إلى المنازل، إلى جانب الخطوات الناجحة فى تطعيم طواقم الأطباء والتمريض والتدريس وطلاب الجامعات والمدارس، وكان لهذا النجاح الدور الكبير فى الحد من إجراءات الإغلاق، بما يدفع عجلة الاقتصاد والنشاط فى جميع القطاعات، ليحقق الاقتصاد المصرى القفزات المأمولة، خاصة أن مصر حققت نموا اقتصاديا فى العام الماضى، بينما معظم دول العالم عانت من الانكماش.

لكن هذا النجاح لا يجب أن يجعلنا نتراخى، وأن نهمل إجراءات الوقاية، وأخذ الحيطة مع قدوم الشتاء، خصوصا فى ظل ظهور سلالات جديدة من الفيروس، مثل المتحور دلتا الذى يثير فزع العالم، خوفا من موجة جديدة، لكن يمكن تجنب هذا الخطر مع رفع معدلات التطعيم، إلى جانب الاستمرار فى إجراءات الوقاية، وتجنب الزحام، واستخدام الكمامات والتعقيم، فالخطر يكمن فى أن نعتقد أن الجائحة قد انتهت، وأن إجراءات الوقاية والحذر ليس لها مبرر، ولهذا فإن التوعية يجب أن تشمل كل قطاعات الدولة، ومنع الدخول فى الأماكن المزدحمة إلا لمن يضع الكمامة، مع توفير مواد التعقيم فى المدارس والجامعات والمساجد والمصالح الحكومية، وتشديد الرقابة الصحية على الأماكن الخطرة مثل صالونات الحلاقة والمطاعم وغيرها من الأماكن الأكثر عرضة لخطر انتقال العدوى، فالوقاية تحمى الحياة، وتجنبنا الأعراض الخطيرة للجائحة، وما نتكبده من نفقات علاج، ومن مخاطر العودة إلى الإغلاق لا قدر الله.

أما انعدام المسئولية الاجتماعية فيتجلى فى وجود أشخاص فى بعض القطاعات يثيرون مخاوف المواطنين من اللقاح، ومع أن هذه الدعوات تقلصت مؤخرا إلا أننى لاحظت استمرار البعض فى حملات التشكيك، ويستخدمون منصات التواصل الاجتماعى، وينشرون مقاطع فيديو منسوبة لأطباء أجانب، يعتقدون أنها تعزز مخاوفهم من اللقاح، ولا يمكن إنكار أن هناك مجموعات فى مختلف أنحاء العالم تتبنى هذا التوجه، وتعارض اللقاح الإجبارى، لكن يجب ألا ننسى أنه ليس من الحرية أن تعرض حياة الآخرين للخطر، لأن المصاب لا يضر نفسه فقط، بل يصيب المحيطين به، ولهذا لا يجب اعتبار رفض التطعيم حرية شخصية.


وما دامت الأغلبية العظمى من الأطباء ومنظمة الصحة العالمية ومختلف دول العالم قد اتفقت على أهمية التطعيم، وأن له الدور الرئيسى فى القضاء على الجائحة، فعلينا أن نأخذ الحيطة، وألا نجعل أمرا يتعلق بالصحة العامة وبجائحة أودت بحياة حوالى خمسة ملايين فى مختلف قارات العالم أمرا شخصيا وأحد عناصر الحرية، فلا حرية لنشر جائحة، أو الدعوة للتهاون فى شأن يمس حياة الملايين، ويلحق الضرر بمليارات البشر، ويكفى ما خلفته الجائحة من خسائر فى شتى بقاع العالم، وأثرت علينا، ولا يمكن تجنب الخسائر فى عالم تترابط فيه المصالح، وتنتقل الأضرار من دولة إلى أخرى، ونحمد الله أننا من أقل الدول تضررا، لكن علينا الأخذ بالأسباب دائما، وأن نفعل كل ما هو ضرورى من أجل المصلحة الشخصية والعامة..

أما الجانب الثانى لمخاطر الشتاء فيتعلق بالأمطار، وقد شاهدنا سقوط أمطار فى أكتوبر على السواحل الشمالية ووصلت إلى الغردقة، وهذا يعنى أن التغيرات المناخية أصبح لها تأثير ملموس، ويمكن أن نشهد موجات من الأمطار الغزيرة والسيول فى بعض المناطق، ولا يجب أن تفاجئنا، وأن نأخذ الاستعدادات وأن ترفع الأجهزة المحلية درجة الاستعداد مبكرا، فتختبر سلامة شبكة الصرف الصحى، والتأكد من تسليك مصارف المياه، خاصة فى الأماكن المنخفضة، والعرضة لأمطار غزيرة، فما حدث فى القاهرة الجديدة قابل للتكرار لو لم نأخذ الاستعدادات اللازمة، بل يمكن أن نشهد معدل أمطار أعلى هذا العام والسنوات المقبلة، وقد شاهدنا ما حدث فى دول كثيرة من زيادة الفيضانات بدرجة خطيرة لم تحدث من قبل، وأن التغير المناخى حقيقة ملموسة، وأن قادة العالم بحثوا سبل مواجهة هذا التغير، والجهود الرامية للحد من سرعته وآثاره، لكن مثل هذه الخطط يستغرق الكثير من الوقت، ويحتاج إلى نفقات كبيرة.

لهذا علينا أن نتعامل مع التغيرات المناخية بواقعية، وأن نأخذ التدابير اللازمة للحد من مخاطرها، بل ونسعى إلى الاستفادة من زيادة معدلات سقوط الأمطار، وأن نقيم المزيد من السدود الصغيرة على مخرات السيول، وإجراء مسح جديد لتحديد مسارات السيول بعد التغيرات المناخية، وهذه السدود الصغيرة تمنع خطر جرفها للطرق أو إغراق بعض المنازل، ونستفيد منها فى زراعة مناطق جديدة، أو فى مزارع سمكية، ونكون قد حققنا هدفين فى وقت واحد، وهذا يتوقف على سرعة التنفيذ وعدم الانتظار حتى تفاجئنا موجات الأمطار.


لمزيد من مقالات بقلم ــ عـــلاء ثــابت

رابط دائم: