اعتاد جيلى، منذ نعومة أظفارنا، أن يستذكر – من خلال المقررات المدرسية والإعلام الرسمي- وعد بلفور..أو وعد بلفور المشئوم! فى الثانى من نوفمبر كل عام، وقد كبرت وهرمت ولا يزال ناقوس تلك المناسبة يدق فى ذاكرتى فى يوم 2 نوفمبر من كل عام. غير أننى، ومع المزيد من الفهم والدرس والوعى بدأت أكره أو أنفر من دلالة تلك الحادثة المهينة، أى الرسالة التى أرسلها وزير خارجية بريطانيا العظمى، آرثر بلفور إلى أحد اللوردات اليهود البارزين فى بريطانيا, اللورد روتشيلد، فى عام 1917 يقول له فيها، إن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين... إلخ. لقد أصدرت الحكومة البريطانية هذا التصريح فى غمار الحرب العالمية الأولى لتضمن المزيد من دعم اليهود الأمريكيين لدخول الولايات المتحدة فى الحرب معها ضد الألمان، بعد عامين ونصف العام من جهود الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون لإبقاء الولايات المتحدة محايدة فيها. أما ما يمكن أن يترتب على هذا الوعد من إجحاف و ظلم للشعب الفلسطينى، فلم يكن ذلك الأمر ذا أولوية لدى البريطانيين خاصة وانهم – بخبث شديد- تحدثوا عن وطن قومى لليهود وليس دولة! غير أن اليهود فى فلسطين استغلوا تلك الرخصة، ليس فقط للانقضاض على عرب فلسطين، ودفعهم للخروج منها، وإنما- وذلك هو الأهم – لاستجلاب الهجرة اليهودية من جميع أنحاء العالم تحقيقا للحلم القديم فى إقامة الدولة اليهودية فى فلسطين. إنها الدولة التى سبق ان تحدث عنها وحلم بها اليهودى النمساوى تيودور هرتزل فى كتابه دولة اليهود عام1896، قبل عقده للمؤتمر الصهيونى الأول فى مدينة بازل فى سويسرا. غير أن قيام إسرائيل وما أدى إليه من ظلم للشعب الفلسطينى كان دافعا لتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وانطلاق المقاومة المسلحة فى 1965، حتى التوصل إلى اتفاقات أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ثم إعلان دولة فلسطين عام 1988. ...تاريخ حافل، مملوء بالآلام والآمال ... كانت بدايته مع وعد بلفور عام 1917.
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: