ذكريات صحفية 19 : لم أتصور أننى سأعانى نفسيا كل هذه المعاناة التى قاسيتها بعدما ذكرته أمس عن الفترة الكئيبة من حياتى التى أهملت فيها عملى وانصرفت إلى ممارسة القمار. ورغم مرور نحو ستين سنة على هذه الفترة حتى نسيتها إلا أن استعادة ذكراها بعث داخلى شعور الندم الكبير الذى زادنى إحساسا بالألم، وقد ناقشت نفسى قبل أن أسجل اعترافى بعدم الإشارة إلى هذه الواقعة إلا أن شعورى بالصدق أمام الله أولا ألزمنى أن أسجل ماحدث بصراحة.
وبالطبع كان نتيجة مافعلته هبوط مستواى ولأول مرة يرفض الأستاذ هيكل تحقيقا كتبته ويعيده إلى مصحوبا بورقة كتب فيها: صلاح (أول مرة بدون كلمة عزيزى) هذا الموضوع كان يمكن أن يكون فى نصف هذا الحيز وأن تكون فيه معلومات. وأنا أريد أن تكون التحقيقات الصحفية أخبارا وليست موضوعات إنشاء
وتركت قسم التحقيقات وجاء بالأستاذ الكبير صلاح هلال من آخر ساعة الذى أنعش القسم ورفع كثيرا من مستواه ولم يخاطبنى أستاذى هيكل بل كان يراقبنى بإشفاق إلى أن وجدت رسالة منه بخط يده تقول: عزيزى صلاح: أتوقع منك ـ أظن من حقى أن أتوقع ـ موضوعا لعدد السبت يعيد إلى الأذهان ذكرى صحفى مرق ذات مرة بين السحب. بعضهم يقول إنه شهاب لمع وانطفأ، وأنا أقول إنه نجم سوف يثبت فى السماء. أينا على صواب وأينا على خطأ؟ لا أعرف ولكن مقالك سوف يحدد: هيكل.
كان واضحا أن الأستاذ الكبير لم يفقد ثقته تماما فى التلميذ الذى شب على يديه وأنه راح يعاملنى معاملة الأب الذى يقسو على ابنه. وحدثت المعجزة. فقد أحببت زميلة لى ـ المرحومة نادية عبد الحميد ـ وتزوجتها فى أول أغسطس 1963 ومن يومها قررت احترام الحياة الزوجية التى بدأتها. وسقطت فترة السقوط من حياتى بعد معاناة شديدة بالندم على تضييعى ثلاث سنوات لم أقرأ فيها كتابا ولم أضف إلى معلوماتى ما يفيدنى.
[email protected]لمزيد من مقالات صلاح منتصر رابط دائم: