حتى يوم الثلاثاء 2 أكتوبر عام 1973 أى ما قبل اليوم الموعود لبدء الحرب بالتنسيق مع سوريا لم يكن قد تم التوافق على ساعة الصفر رغم مناقشة هذا الأمر فى عديد من الاجتماعات المشتركة بين الجانبين والتى أنجزت توافقا حول كافة الأمور بما فى ذلك يوم 6 أكتوبر الموافق العاشر من رمضان ما عدا ساعة الصفر حيث كانت لدى مصر أسباب جوهرية فى بدء الهجوم مع آخر ضوء فى حين كان السوريين يتمسكون ببدء الهجوم مع أول ضوء.
ولأن الوقت بات ضيقا رأى الفريق أول أحمد إسماعيل على بصفته القائد العام للجبهتين المصرية والسورية أن يتوجه إلى دمشق سرا بتكليف صريح من الرئيس السادات بالعمل على التوفيق بين وجهتى النظر وبما يحقق لكل من مصر وسوريا الميزة النسبية الملائمة من توقيت ساعة الصفر... وهكذا تحت أهم وأسرع وأقصر مهمة عسكرية للفريق أحمد إسماعيل على بزيارة دمشق يوم 2 أكتوبر وخلال الزيارة انتصر المثل الشعبى المصرى «نقسم البلد بلدين» بالتوافق والتراضى على أن تكون ساعة الصفر فى منتصف النهار وتحديدا فى الساعة الثانية و5 دقائق ظهر يوم 6 أكتوبر... وقد كان ذلك هو آخر تعديل على خطة العمليات التى كتبها بخط يده المقدم صلاح فهمى نحلة رئيس التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة فى الكراسة المدرسية لابنته إيمان وبالقلم الرصاص والتى اصطلح على تسميتها كراسة «الجمسي» لأن اللواء محمد عبد الغنى الجمسى هو الذى قام بعرضها على الفريق أول أحمد إسماعيل على الذى تولى عرضها على الرئيس السادات والذى أبدى انبهاره بها لأنها قامت على دراسات عملية توفر لليوم الموعود أن يكون فى ليلة قمرية «10 رمضان» وطبقا لتقارير هيئة قناة السويس كان يوم 6 أكتوبر هو أفضل أيام السنة بالنسبة لسرعة التيار فى مياه القناة الذى يلائم العبور سباحة أو بواسطة القوارب المطاطية والأهم من ذلك كله أن 6 أكتوبر 10 رمضان خارج توقعات إسرائيل لأننا لم يسبق لنا القتال فى شهر الصيام فضلا عن توافق هذا الموعد مع أهم الأعياد اليهودية وهو يوم كيبور.
والحقيقة أن ساعة الصفر ضمنت للسوريين مساحة زمنية مقبولة لبدء الهجوم بينما اتجاه الشمس معهم وضد الإسرائيليين وأيضا فقد ضمن للمصريين مساحة زمنية مقبولة لإنجاز مهمة دخول المعدات الثقيلة والدبابات فى ظلام الليل بعد أن تكون موجات العبور الأولى بالمشاة قد قطعت شوطا كبيرا تحت غطاء الضربة الجوية الرئيسية والقصف المدفعى على طول الجبهة وبعد أن يتمكن سلاح المهندسين من إقامة جسور العبور اللازمة لعبور الدبابات قرب منتصف الليل.
ولا شك فى أن قوة الإرادة السياسية لدى الرئيس السادات والرئيس السورى حافظ الأسد قد ساعدت فى تذليل الكثير من العقبات والصعوبات الفنية التى ظل معظمها معلقا حتى اجتماع الغواصة فى الإسكندرية قبل أسابيع قليلة من موعد الحرب... كان الرجلان قد باتا على يقين باستحالة إستمرار الرهان على أى حل سياسى ومن ثم فإنه من الخطأ والخطر معا السماح باستمرار حالة اللاسلم واللاحرب إلى ما لا نهاية ومن ثم لابد من عمل كبير لرفض الأمر الواقع ومثل هذا العمل الكبير أكبر وأشمل من حرب الاستنزاف التى أدت دورها على أكمل وجه.
وغدا حديث جديد
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: