(العين تسمع والأذن ترى) عبارة بديعة تُعبر عن عمق التحول التاريخى الذى بدأت إرهاصاته فى القرن 14. اختار الراحل الكبير ثروت عكاشة هذه العبارة عنوانًا فرعيًا لموسوعته الفنية الرائعة التى نذكرها معه فى المئوية الأولى لولادته (موسوعة تاريخ الفن – فنون عصر النهضة).
أصدرت الهيئة العامة للكتاب فى هذه المناسبة طبعة رابعة أكثر فخامة من الطبعة الأولى التى اقتنيتُها منذ إصدارها عام 1988. يأخذنا عكاشة فى الجزء الأول (الرينسانس) فى جولة ثرية فى المرحلة التى هبت فيها نسائم ندية حملت معها بُشرى عالم جديد تحظى الفنون بمكان فى قلبه. وتشعر كأنك تستقل مع مؤلفها عربة تجرها الخيول، وتعود إلى حيث هبت تلك النسائم فى مدن إيطالية مقترنةً بتحول اقتصادى-اجتماعى كان فى حينه الأكبر فى التاريخ. ارتبط ذلك التحول بتوسع التجارة، وأخذ التجار الجُدد الأكثر ثراء فى رعاية فنون ازداد الطلب عليها تدريجيًا.
نبدأ معه من القرن 14 ومعالمه الأساسية وفنانيه الذين يرجع لهم فضل التحول التاريخى فى الفنون, ثم نستمتع بشرحه لما اسماها رحلة النموذج الفنى لأبوللو وفينوس على مر التاريخ، وموقع الجسد العارى فى هذا النموذج، وتحليل عميق للطراز القوطى.
ونتوقف معه فى دراسة أكثر تفصيلاً لحالة الفن فى فلورنسا التى تركزت حولها النهضة البازغة فيما يسميه لقاءً لم يكن مألوفًا بين العبقرية والطاقة والظروف.
وننتقل إلى الجزء الثانى (الباروك) وهو أسلوب فنى فى العمارة والرسم عُرف فى أواخر القرن 16 ويُعنى بالجوانب الحسية للأشياء ويصفها بتفصيل وتنميق، وتطور فى القرن 18 فصار أكثر سلاسة، وانتقل تدريجيًا إلى فنون أخرى. ونجول مع عكاشة على فنون مدينة البندقية مهد الأسلوب الباروكى، والرسم فيها، ثم ننتقل إلى استخدام هذا الطراز فى روما، وبلدان أوروبية أخرى.
وفى الجزء الأخير (الروكوكو)، وهو أسلوب بزغ فى أوائل القرن 18, ونتأمل شرحه للملامح الفكرية لهذا الطراز، وتجلياته فى المعمار والرسم والأثاث والخزف خلال ذلك القرن.
والحال أننا إزاء كنز فنى لامثيل له سواء باللغة العربية، أو من حيث صور اللوحات الثمينة التى نبقى معها فى الغد.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: