2- بعد 38 شهرا من وقف إطلاق النار فى 8 أغسطس عام 1970 وفق ترتيبات المبادرة الأمريكية التى طرحها وزير الخارجية وليام روجرز وأدت إلى صمت مدافع حرب الاستنزاف التى استمرت لأكثر من 3 سنوات أعقبت هزيمة يونيو عام 1967 وبعد أن تيقنت مصر من أن وقف إطلاق النار لم يقدم شيئا للحل السياسى الذى كان هدف مبادرة روجرز وبعد إعلان حالة الوفاق عام 1972 بين أمريكا والاتحاد السوفيتى متضمنة إشارات لا تخطئها العين بأن واشنطن وموسكو خضعتا لرغبة إسرائيل فى تحويل وقف إطلاق النار إلى حالة سكون دائم للجبهة تحت لافتة «اللاسلم واللاحرب».. بعد كل ذلك لم يكن أمام مصر سوى خيار وحيد هو سرعة الذهاب لعمل عسكرى كبير يكسر الأمر الواقع المراد فرضه علينا خصوصا وأن مصر قد استثمرت جيدا سنوات السكون والهدوء المخيم على الجبهة لاستكمال احتياجاتها من التسليح والتدريب والتخطيط وبدء جنى الفوائد التى تحققت لمصر ليلة 8 أغسطس عام 1970 بتحريك حائط الصواريخ الذى يكفل عمل مظلة لتأمين قوات العبور إلى الضفة الشرقية للقناة من أى عمل عسكرى مضاد اعتمادا على التفوق الجوى لإسرائيل.
وأظن أن مصر مع مطلع عام 1973 كانت قد حسمت أمرها واتخذت قرارها وشرعت فى التنسيق مع سوريا على أرفع مستوى سياسى وعسكرى تحت مظلة من السرية الكاملة مستندة فى ذلك إلى حكمة تاريخية مأثورة تقول:«إذا كنت لا تعرف لنفسك هدفا محددا فإنك تظل فى حيرة حول أى طريق يستطيع أن يصل بك إلى هناك.. وإذا كنت تعرف لنفسك هدفا محددا فلابد لك من طريق محدد».
وهنا ولدت فكرة التوجيه الإستراتيجى الذى وجهه الرئيس أنور السادات بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الفريق أول أحمد إسماعيل على وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة قبل 24 ساعة فقط من ساعة الصفر وتحديدا يوم الخامس من أكتوبر عام 1973.
كان الذهاب إلى حرب أكتوبر مبنيا على هدف محدد وواضح طبقا لنص التوجيه الإستراتيجى بتكليف القوات المسلحة بتنفيذ ثلاثة مهام أساسية أولها إزالة الجمود العسكرى بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6 أكتوبر عام 1973 وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والمعدات والعمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطوير إمكانيات القوات المسلحة.
وهنا تكمن عبقرية وفلسفة القرار فى المواءمة بين القرار السياسى وبين القدرات المتاحة للقوات المسلحة وهو ما أحدث ارتياحا بالغا لدى الفريق أول أحمد إسماعيل وكبار معاونيه من قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة لأن الأهداف محددة بوضوح والتوقيتات صريحة بما فى ذلك موعد ساعة الصفر.
وغدا حديث جديد
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: