رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

11/9 عشرون عاما من الحروب

لم أستطع أن أُوقف سيل الذكريات والمخاوف, عندما سَحبتُ ورقة النتيجة، السبت ١١ سبتمبر 2021..عشرون عاما مرت على أصعب حادث، لم أستطع، حتى الآن، توصيفه، فى جيلنا، أو فى الأجيال القادمة.. فهو مؤثر للغاية فى حياتنا ككل، ومستقبلنا، خاصة فى المنطقة العربية، والإسلامية، رغم أنه لم يحدث على أرضنا، بل إن نفرا من الإرهابيين، فى بلادنا، عبروا المحيطات، من قاعدتهم، أو أوكارهم، فى آسيا، (أفغانستان)، واستخدموا الطائرات، كسلاح، لضرب برج التجارة العالمى، رمز أمريكا المعاصرة، فى عاصمة الاقتصاد والتجارة العالمية (نيويورك)، بما نجم عنه من خسائر بشرية، تُعد الأكبر فى التاريخ الأمريكي. كانت لحظة صفرية فى التاريخ الإنساني, أمريكا التى تجلس على قمة العالم، ومسجلة أنها القوة العظمى الوحيدة، ولم يسبق لأحد أن ضربها من الداخل, تضربها ميليشيا إرهابية، قادمة من أفقر بلد فى العالم.. مفارقة لا لبس فيها. القاعدة، أو التنظيم، الذى يعيش فى أفغانستان، بزعامة أسامة بن لادن، يعترف، ويعلن مسئوليته عن هذه الجريمة النكراء، التى أنكرها العالم، وشجبتها كل الأديان، بل كل إنسان وصف هذا بـاليوم المرعب فى التاريخ الإنسانى، وقد صورته كل الكاميرات، وكل التكنولوجيا، والتقدم التقنى الذى نعيشه، وتعيده كل مرة، لمن لا يراه، حتى تجدد الذكرى المؤلمة للكل، أمريكا، والعالم، خاصة المسلمين، الذين اُتهموا بهذه الجريمة الرعناء، وهذا العام العشرون أضيف إليه أنه العام الذى تُنهى فيه أمريكا احتلالها، أو وجودها العسكرى فى أفغانستان (أرض القاعدة)، والأخطر أن أمريكا تترك أفغانستان لمصيرها، بعد هذا الفشل الكبير، وبعد مفاوضات علنية، وسرية، مع طالبان (التنظيم الذى حاربته)، لأنه يؤوى القاعدة، وأن أفغانستان بعد هذه المدة الطويلة تعود سيرتها الأولى، فخلال عشرين عاما لم يقتصر الأمر على غزو أفغانستان، بل شنت أمريكا حربا شعواء على العراق بدعاوى كاذبة، ثبت عدم صحتها على الإطلاق، كما أن الدمار، والحروب لم تتوقف عند حدود العراق، بل امتدت لتشمل سوريا، ولبنان، وليبيا، واليمن، وامتد الشعار المخادع، الذى رفعته حكومة بوش الابن، ومعها المحافظون الجدد، (الفوضى الخلاقة)، ليشمل الشرق الأوسط، واستمر إعصاره حتى عام ٢٠١١، فى ثورات، وانتفاضات، مصنوعة، بهذا الوعى المزيف، شملت مصر، وتونس، وأثرت فى كل المغرب العربى، ودمرت المشرق، أو الشام، ككل، وهزت الخليج العربى هزا مخيفا. هذا ما حدث فى منطقتنا منذ هذا الزلزال المريع، الذى ضرب الأراضى الأمريكية، حيث لم تستفد أمريكا من الغضب الأمريكى كثيرا، الذى أشعل هذه الحروب فى منطقتنا، ولم يستفد أحد من بلادنا العربية، أو الشرق الأوسط كله، إلا إيران، التى خرجت مستفيدة من هذا الحادث، وأصبحت قائدة العالم، الذى يقاوم الاحتلال، والاستعمار، والحروب الأمريكية، وأسقط لها الأمريكان نظامين، كانا يعاديانها بالحروب، والصراعات، فى العراق، وأفغانستان، وأخفقت واشنطن باعتراف الجميع. أمريكا، التى انتصرت فى حروبها الكبيرة، وقادت العالم، بعد الحرب العالمية الثانية، بتأهيل أوروبا، (التى دمرتها الحرب)، واليابان، وألمانيا، (دولتها النازية)، فى الحروب الشاملة، وأمريكا، التى أسقطت الاتحاد السوفيتى، والفكر الشيوعى، بلا حرب ساخنة- فشلت فى حروبها الصغيرة، فى أفغانستان، ومن قبل فيتنام، وحتى فى كوريا. أمريكا، التى كسبت فى معركة الشيوعية العالمية، ومن قبلها النازية العالمية، لم تستطع أن تنجح فى مواجهة الإرهاب، الذى يتدثر بالأديان السماوية، خاصة الدين الإسلامي. أمريكا، التى قوضت الفكر النازى، والشيوعى، وهزمت جاذبية الفكر، الذى يعلو القوميات، وعرت دعاوى الاشتراكية، والشيوعية- فشلت فى مواجهة أساطير، ودعاوى الإرهابيين، لأنها لم تقع فريسة لضعف، وهشاشة الرئيس جورج بوش الابن وحده، بل وقعت فريسة لمجموعة من المفكرين الإرهابيين، الذين يرقون إلى مستوى النازيين الجدد، وعرفوا بـالمحافظين الجدد، الذين أرادوا تغيير العالم، وكانت فرصتهم فى اختبار أفكارهم المريضة فى ذروة الإرهاب ذى الأصول العالمية، وقد سحبوا رئيسا، وإدارة ضعيفة، إلى حروب عبثية، كانت نتيجتها خسائر جسيمة؛ ستدفعها أمريكا، والأجيال القادمة، والتى تُقدر، مبدئيا، بأكثر من ٨ تريليونات دولار، رغم أن الخسائر المباشرة تريليونا دولار.. هذا غير الخسائر البشرية، لكن المعدات، وتعويضات الجنود، والضحايا، أكثر من ٣ تريليونات دولار. عامة، ما علينا، فأمريكا، التى أخطأت سوف تدفع ثمن‬ هذه الجريمة كثيرا جدا فى السنوات المقبلة، حيث استعادت روسيا دور القوة العظمى، بعد أن انهارت، وكانت تكافح للوصول إلى قوة إقليمية، وصعدت الصين (القوة العظمى السياسية، والاقتصادية)، وستلعب دورا عالميا واسعا، لكن ما يخيفنا، فى الشرق الإسلامى، أن الإرهاب انتعش، وأصبح له مركز دموى فى المنطقة، ودقت ساعة قراءة التحديات الجيوسياسية أمام العرب، فهم الطوق الوحيد، لمواجهة التغول الإرهابى، والنمو الإيرانى، لكن الشيء الأخطر, أن ما حدث فى سبتمبر 2001 كان مفاجأة من الممكن أن تتكرر، وتخلق مفاجآت جديدة، لأن العقل الإرهابى موجود، ومتمركز، وله معسكرات موجودة حول الكرة الأرضية، خاصة فى إقليمنا.. والمناطق الهشة، والدول التى سقطت، أو ضَعُفت، جيوشها، ومؤسساتها الأمنية، كثيرة، (أفغانستان، وسوريا، والعراق، واليمن، والصومال، وجنوب شرق آسيا)، وقد كانت هناك قاعدة واحدة فى أفغانستان, الآن أصبحت قواعد منتشرة فى الشام، وجزيرة العرب، وأوزبكستان، وباكستان، وأفغانستان، لأن القاعدة، والتنظيمات الإرهابية ليست قوة بقدر ما هى فكرة من أفكار التطرف، تخلقها البيئات، والمشكلات، التى لم تحل بين الشرق والغرب، ولعل أهمها مشكلة فلسطين، والاحتلال الإسرائيلى لشعبها. ببساطة، إنها لحظة جديدة أن نكرر دعوتنا لأمريكا لمراجعة الأخطاء، والخطايا، وتحاسب نفسها من الداخل.


لمزيد من مقالات أسامة سرايا

رابط دائم: