يتسبَّب بعض الموظفين الصغار، فى حالات متزايدة، فى عرقلة استفادة المواطنين من أهم نتائج بعض الإنجازات الكبرى، التى ترصد لها الدولة ميزانيات بالمليارات، ويتفانى فى تحقيقها أعداد من الخبراء والفنيين والعمال، ويجتهد المسئولون فى وضع معايير دقيقة تراعى الظروف المختلفة لكل الفئات الاجتماعية! وخذ عندك حالة شكاوى كثير من المواطنين من فواتير الكهرباء، كمثال تظهر فيه أهم نقاط الخلل، برغم الجهود الهائلة التى بذلتها الدولة ونجحت بالفعل فى توفير الكهرباء بما يفوق حاجة البلاد، ولكن يحدث أن بعض الموظفين المكلفين بقراءة عدّادات استهلاك الكهرباء لا ينتظمون فى تسجيل القراءة فى موعدها المحدد، فيترتب على هذا أن يتراكم الاستهلاك فى القراءة التى يسجلها الموظف متأخراً، بما يعنى أن إجمالى الاستهلاك يضع المستهلك فى شريحة أعلى تُحسَب بتعريفة أعلى، تزيد على قيمة مجموع القراءات المتراكمة فى حدود التعريفة الأقل التى يدخل المستهلك فيها! وكما ترى، فإنه يترتب على تصرف الموظف اضطراب للنظام الموضوع بدقة، وبدلاً من تطبيق القواعد التى تستهدف خدمة الفئات الفقيرة، إذا بهؤلاء الموظفين يتسببون عملياً فى تعطيل هذه الخدمة!
لاحِظ أيضاً أن الإجراءات البيروقراطية تُزيِد من تعقيد المشكلة، لأن المواطن الراغب فى إصلاح الخطأ يشكو أن عليه أولاً أن يدفع القيمة المالية التى يتظلم منها، وإلا تعرض لجزاءات قد تصل إلى قطع الكهرباء، وهو ما يدخله فى مشاكل أكبر، ثم إن التحقيقات تطول عادة، حتى مع مداومة المواطن على المتابعة! وينبغى الانتباه إلى أنه، وبرغم أن إجراءات التظلم مجانية إلا أنها تكلف المتظلم كثيراً، من اقتطاع جزء من وقته للذهاب لمتابعة شكواه، مع تكلفة المواصلات، وتبديد وقت لفرصة عمل أخرى..إلخ. ولمن لا يعرف فإن هذه بنود إنفاق ترهق الفئات المستهدف خدمتها والتسهيل عليها.
ما يحدث فى فواتير الكهرباء هو مجرد حالة واحدة لها أمثلة كثيرة فى قطاعات أخرى! وهو ما يرجح أن الخطأ أكبر من أن يكون مجرد تقاعس من بعض الموظفين وإنما هناك شبهات عن أن هناك أيضاً من يتعمدون التخريب.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: