رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حرة
عالم من الأكاذيب

أصبح من الصعب أن تشعر بافتقاد الناس حولك، قليل من الأشخاص نفتقد وجودهم فى حياتنا الآن..حالة برود أصابت مشاعرنا هناك إحساس متبادل بينك وبين الآخرين أنت تتكلم ولا احد يسمعك وتأتيك من بعيد حشرجات من الأصوات لا تفهمها..هناك شيء ما تغير فى وسائل التواصل لا أحد يعرف أسباب ذلك هل هى الأجهزة الحديثة التى نستخدمها واكتفينا بها عن الحديث مع الآخرين؟ أنت لم تعد تكتب رسالة على الورق، أنت فى دقائق تسطر بعض الكلمات رغم أنها خالية من الإحساس والمشاعر أنت مجرد آلة تحرك آلة أخري..أنت لم تعد تتحدث مع شخص آخر لأنك لا تراه أنت ترى صورته أمامك أنت تتكلم مع صورة أمام حقيقة غائبة..تستطيع أن تشاهد صورا لأشخاص فارقوا الحياة ولكنك لا تستطيع أن تستعيد معهم لحظة حقيقية..أنت تعيش فى عالم من الوهم والخيال أنت تحب بالوهم وتعشق بالخيال لأنك ابعد ما تكون عن الحقيقة..فى يوم من الأيام عشنا الحب حقيقة لأنك ترى من تحب وتعيش معه وتتكلم وتحس ولكن أين لك هذا وأنت تراه صورة وتسمعه سطورا وتصافحه خيالا..حين غابت الحقيقة من حياة الناس سيطر عليهم عالم من الكذب فى كل شيء لأن هناك جهازا صغيرا يعلمنا الكذب كلاما وسطورا وإحساسا..أصعب الأشياء أن تعيش الحقائق الكاذبة ولهذا أصبح العالم يعيش فى ظل أكذوبة كبرى يصدقها..انه يمارس السياسة كذبا ويشاهد الإعلام كذبا ويخاطب الناس كذبا ويحب كذبا ويمارس التحايل على الناس كذبا..الخلاصة أن الإنسان أصبح عبدا لآلة صغيرة تعلمه كيف تكون كاذبا فى كل شيء حتى على نفسك..أنت تكتب رسالة حب وتتخيل انك فعلا تحب وتجامل وتنافق وتكذب وتتصور انك تمارس الحقيقة رغم أن الآلة الصامتة أول من علمك الكذب..لقد فقد الإنسان أشياء كثيرة وهو يكذب على نفسه وعلى الآخرين فى يوم من الأيام كان الصدق دستور الحياة وكانت الحقيقة عقيدة البشر ولكننا الآن نعيش عالما من الكذب فى ظل آلة صغيرة سلبت من الإنسان أجمل ما كان فيه..حين تكتب رسالة حب وتشاهد صورة لقاء وذكرى حنين وترسل الوعود والعهود والمجاملات والأشواق لا تنس انك تشارك فى بناء عالم من الأكاذيب وابعد ما تكون عن الحقيقة.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: