كل يوم
المنطقة فوق بركان!

لم تعد منطقة الشرق الأوسط كما كانت قبل هبوب عواصف الفوضى التى ضربتها مطلع عام 2011 وإنما أصبحت ميدانا مفتوحا لصراعات القوى الكبرى وساحة مستباحة لتعميق التناقض الإقليمى من خلال إعادة بعث النزاعات النائمة، سواء كانت نزاعات حدودية مدفونة فى تراب النسيان أو نزاعات على المياه.. وهذا خطر يستوجب سرعة تداركه والانتباه إلى مخاطره المحتملة.

وحزينا أقول: إن الخاسر الأكبر فى السنوات العشر الأخيرة هو العالم العربى الذى تراجع دوره فى المعادلة الإقليمية لصالح إسرائيل وإيران وتركيا فإسرائيل استثمرت الأوضاع الجديدة فى المنطقة لكى تعربد كما تشاء وتدهس بأقدامها على ما سبق أن التزمت به فى اتفاقيات البحث عن السلام وذهبت إلى أبعد مدى بالمجاهرة بحقها فى امتلاك معظم أراضى الضفة الغربية بعد إعلانها ضم القدس العربية لها بدعم من إدارة ترامب التى ابتدعت اتفاق «أبرهام» لتوسيع مساحة التطبيع العربى مع إسرائيل وشطب آخر معادلة متوازنة على موائد التفاوض «الأرض مقابل السلام».

وبالتوازى وبالتزامن مع العربدة الإسرائيلية برزت مطامع التمدد الإيرانى وتجددت أحلام إعادة بعث تركيا لمشروع الدولة العثمانية القديم فى الوقت الذى تجاهر فيه إسرائيل – بدعم من أمريكا – بأنها تضع خطوطا حمراء لأية محاولات لمنازعتها فى أن تكون – وحدها - القوة الأعظم فى المنطقة من خلال التلويح بأن عصاها الغليظة موجودة وقادرة على أن تهوى فوق أى رأس يريد أن يرتفع فى الشرق الأوسط.

وفى ظل هذه الأوضاع السائدة بذلت مصر جهودا سياسية ودبلوماسية فائقة – أغلبها غير معلن وغير معروف للعامة – من أجل العمل على رأب الصدع والانقسام فى العالم العربى ومحاولة إطفاء الحرائق المشتعلة أو التى توشك على الاشتعال فى العديد من الدول العربية.. وليست جهود مصر تجاه تونس وليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن سوى مجرد عناوين للهدف الأسمى الذى تسعى إليه مصر من أجل وقف معدلات التراجع فى الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية التى ضربت بلدان الخريف العربى حتى يمكن إعادة تجديد الرهان على إعادة بناء القوة العربية الشاملة التى تضمن درء المخاطر المحتملة.

وعلينا أن ندقق فى توقيت المخطط الرامى لتحويل انفجار مرفأ بيروت قبل عام مضى إلى انفجار سياسى وأمنى يطيح بأمن واستقرار لبنان بينما تتصاعد وتيرة التصعيد فى الحرب السرية بين إسرائيل وإيران والتى وضعت المنطقة بأكملها فوق بركان!

خير الكلام:

<< عند المخاطر تظهر أهمية الحكمة فى قراءة الأحداث والشجاعة عند الفعل!