رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كثير من الغش .. قليل من الرقابة
النصـب العقـارى

تحقيق ــ راندا يحيى يوسف

  • رئيسة قطاع الإسكان: نقدم إعلانات تحذيرية للمواطنين للتوعية والإرشاد
  • نائب وزير الإسكان الأسبق: القضاء عليه يبدأ بوضع خريطة عمرانية وتخفيض رسوم التسجيل
  • اللواء أحمد عاصم: الجهات الرقابية فى مواجهة مستمرة للعناصر الفاسدة
  • مواطنون: الـ «تايم شير» تحول إلى فخ موسمى للعملاء

 

تعتبر شركات التسويق العقارى اسما جذابا يقع فى حبائله كثير من حسنى النية والحالمين بتملك وحدة سكنية، فلا يوجد استثمار أضمن من عقار يضعون فيه جزءا من مدخراتهم أو ربما «تحويشة» عمرهم فى سنوات الغربة، وللأسف الشديد تلك الرغبة المشروعة يستغلها بائعو الاحلام ويتعاملون معها كسراب يحسبه الباحث عن الاستثمار مشروعا جادا حتى إذا وضع نقوده فيه؛ يصطدم بأنه وهم اشتراه بكامل إرادته، فلا يخلو مجتمع من وجود فئات ضالة ماتت ضمائرهم واستباحوا لانفسهم اتخاذ كل وسيلة من أجل تحقيق حلم الثراء السريع، ولهم فى مجال التسويق العقارى

من الاساليب والادوات الاحترافية فى النصب والخداع ما يستطيعون به اصطياد ضحاياهم والايقاع بهم فى شباك الوهم عبر الوعود البراقة الزائفة وخلق صورة ذهنية وهمية مخالفة، فيسوقون الحجج ويفندون استفسارات العملاء بما لايدع مجالا للشك لدى ضحاياهم!


فكيف يفلت المواطنون بأحلامهم وأموالهم من شباك النصب العقارى؟ وكيف ندرك الجاد من النصاب؟ وما هى ملامح المشروع الحقيقى من الزائف؟ تساؤلات نجيب عليها عبر قصص واقعية، ومن خلال خبراء التسويق العقارى ومسئولى الاسكان عبر السطور التالية:

 

 

 

يصف المهندس أحمد يوسف تعرضه للنصب من إحدى الشركات العقارية، التى لا تزال قائمة حتى كتابة هذه السطور، فيقول: تعرضت للنصب وخمسة من زملائى ووقعنا فى شباك إحدى شركات العقارات بمنطقة المعادى، وصدقنا وعودهم واعلاناتهم الزائفة، على الرغم من وجود سجل ضريبى للشركة وعقارات فى اكثر من محافظة، ولكننا فوجئنا وقت التسليم باختلاف الشقق عن المواصفات الفنية المنصوص عليها فى العقد اختلافا جوهريا، على الرغم من التزامنا معهم فى السداد، وبعد محاولات مضنية باءت جميعها بالفشل لاستعادة أموالنا أو استلام الشقق بالمواصفات المطلوبة أو حتى تقترب منها قررنا التوجه بشكوى جماعية لجهاز حماية المستهلك ومحافظ القاهرة، وأخرى للنائب العام ولا نملك إلا الانتظار لحين الفصل فى شكوانا.

السند القانونى

على الجانب الآخر، فإنه من البديهى أنه عند التوجه لشراء وحدة سكنية، يجب قتل المسألة بحثا بالسؤال عن الشركة المالكة ومشروعاتها السابقة ومراجعة التراخيص والعقد، فهل يتحمل المواطن جزءا من المسئولية لما وصل إليه من فقد أمواله وذلك بتكاسله عن السؤال حول صحة ما يقدم له من سلعة؟

توضح المهندسة نفيسة هاشم الوكيلة الأولى الوزارة ورئيسة قطاع الإسكان والمرافق أنه فى هذا الشأن تقوم الوزارة بعمل إعلان تحذيرى للمواطنين كل فترة فيما يخص المادة رقم (18) من قانون البناء الصادر بالقانون 119 لسنة 2008م، حول مشروعات تقسيم الأراضى او التعامل على قطعة أرض من أراضى المشروع أو جزء منه بعد أن يودع صاحب الشأن بمديرية المساحة ومكتب الشهر العقارى المختص صورة مصدقا عليها من القرار الصادر باعتماد المشروع ومرفقاته من الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم ومناظرته للمادة رقم (100) التى ورد بها العقوبة لكل من يخالف ذلك بألا تزيد على مائة الف جنيه ولا تقل عن خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين وتتعدد الغرامات، وكذلك العقوبة فى حالة مخالفة بنود المادة رقم (18) السالفة الذكر بارتكاب الجرائم عن طريق التحايل أو استخدام أوراق مزورة أو الإعلان عن تقاسيم وهمية.

وتبدأ المحامية ميادة محمد حديثها بتعاطف شديد مع ضحايا النصب، فتقول: ما اصعب الاحساس بأن يتعرض الانسان لعملية نصب تضيع معها تحويشة عمره وأحلامه فى مكان يؤويه، فحينما يقترن الحلم بالسكن يختلف الأمر كثيرا ويتولد على الفور شعور بمعنى الضياع ويتسرب الأمل فى الأمان الذى يحمله السكن بين الحوائط الأربعة، هذه المشاعر المأساوية يقابلها على الجانب الآخر فرحة زائلة بحفنة آلاف من الجنيهات تتجمع فى أيدى أصحاب النفوس الدنيئة الذين تخلو قلوبهم من كلمة ضمير، وترى انه من الأهمية بمكان الاستعانة بمكتب محاماة متخصص للتحرى والفحص والاطمئنان على سلامة الاوراق والإجراءات حول الشركة قبل اتمام اى تعاقد، تفاديا للوقوع فى شباك شركات بيع الوهم، وتلفت إلى أنه فى حالة التعرض لاى عملية احتيال يجب التقدم ببلاغ وتحرير محضر بالواقعة على الفور، وذلك وفقا للمادة (336) عقوبات التى تنص على أن جرائم النصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب او واقعة مزورة، على أن تكون الوقائع مدعومة بأعمال مادية أو قرائن تثبت صحة الادعاء .

ويؤكد اللواء أحمد عاصم الخبير الاعلامى أهمية وضع النظم والقواعد والقوانين الكافية لتحقيق الردع الكافى لمواجهة كافة قضايا النصب والاحتيال، لاسيما النصب العقارى وجرائم التايم شير، لافتا إلى أن ألاعيب النصب والاحتيال مفتوحة على مصرعيها فى مقابل أن سبل الردع غير كافية بكل أسف، حيث إن النصب جملة وتفصيلا يعد جنحة لا ترتقى إلى جناية الا إذا اقترنت بجرائم اخرى، وهنا يأتى دور مجلس النواب الموقر بضرورة عقد جلسات مطولة من اللجان المنوطة بكل ما يخص هذه الأمور وما يضمن تحقيق الردع الكافى لمن تسول له نفسه مجرد التفكير فى النصب والاحتيال، بالإضافة إلى الحملات الإعلامية بكافة وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء، وذلك حماية للمواطنين خاصة فيما يخص انتشار ما يسمى التايم شير الذى يعد «مصيبة المصائب» فى مجال العقارات، ويحدث تحت مسماه العديد من جرائم الاحتيال والاستيلاء على الأموال، فقد يرى البعض أن الموضوع لا يعدو كونه عرضا وطلبا ومن باب «محدش ضربك على ايدك»، ولكن الحقيقة أن المسئول والمتخصص يجب أن يفكروا فيما يجعل المواطن فى حالة من الاطمئنان والأمان ويوفروا الحماية له، فبالاضافة إلى حرب الجهات الرقابية لمواجهة العناصر الفاسدة، لابد كذلك من وضع النظم اللازمة لغلق الثغرات وغلق الأبواب أمام الطامعين والمتجاوزين.

فخ «التايم شير»

انتشر مصطلح «التايم شير» أو «الملكية الجزئية» وهو ليس له علاقة بالاستثمار العقارى، ولكنه طريقة من طرق النصب فى الوحدات العقارية باستخدام ألفاظ خادعة للمواطنين يستخدمها بعض المحتالين بإطلاق مسميات على شركاتهم تحت اسم شركة للاستثمار العقارى، ويزدهر نشاطهم داخل المولات ومحطات الوقود أو من خلال الاتصالات الهاتفية، فكثيرون يخدعون بطرح سعر قليل للوحدة المصيفية أو السكنية، لذا تتضح أهمية السؤال عن الشركة البائعة للوحدة العقارية والتأكد من جديتها فى السوق، فهل الأمر مرتبط فقط بطريقة الاحتيال؟ أم ان للضحية دورا بانسياقه وراء أوهام؟

بنبرة يعلوها الأسى والحسرة تحكى ولاء مختار عن تعرضها للخداع فيما يسمى بشركات «التايم شير»، وتقول: وقعت فى الفخ على طريقة فنكوش عادل امام، حيث لفت نظرى قبيل الصيف الماضى اعلان فتح باب الححز بإحدى القرى الجديدة، واطمأن قلبى لجدية العمل بها واطلعت على أوراق ملكية الأرض والتراخيص فوافقت واتفقنا على طريقة الدفع، على ان أتسلم الوحدة بعد عام وبعد شهور فوجئت بأن أرقام الشركة غير موجودة بالخدمة!

احذروا الكوبون

ونماذج أخرى تعرضوا للنصب واصبحوا صيدا سهلا لفئة المحتالين فى منطقة وسط البلد، التى تعد من أكثر الأحياء التى ينتشر بها مندوبو شركات التايم شير الذين يلجأون إلى خدعة الكوبون لاصطياد ضحاياهم، وكان من بينهم عصام سالم الموظف بوزارة الصحة الذى أقنعه أحدهم بالدخول فى إحدى المسابقات التى تنظمها شركة سياحة وبعد نجاحه فى حل أسئلة المسابقة عرض عليه خدش أحد الكوبونات لبيان جائزته لتبدأ بعدها رحلة التوجه إلى مقر الشركة لاستلام الجائزة بعد دفع مبلغ 20 جنيها كضمان لجدية الحضور .

وتقول ايمان عبدالهادى محاسبة: لم أكن أتصور ان النصب العقارى تحول الى كابوس موسمى يزدهر وينشط مع دخول موسم الصيف والاجازات من كل عام، فلقد وقعت ضحية إحدى شركات التسويق التى أقنعتنى بالتعاقد ودفع المقدم لامتلاك أسبوع لشاليه على البحر، وعندما توجهت للشركة الرئيسية التابعة لوزارة السياحة لإتمام التعاقد كانت المفاجأة أنها مجرد خدعة، ومن ثم تقدمت بشكوى لوزارة السياحة وغرفة الفنادق التى أنشأت شعبة التايم شير لتحصيل حقوقى من هذه الشركة .

 

 

 

خريطة حديثة للوحدات السكنية والأراضى

 

 

لأن طرق النصب العقارى كثيرة ومتعددة، يعتبر تطوير العشوائيات جزءا لا يتجزأ من هذا الملف، لذا يطرح د. أحمد عادل درويش نائب وزير الاسكان الأسبق رؤيته فى هذا الملف داخل العشوائيات التى تعد سرطانا تمكن من عصب الثروة العقارية فى مصر، ويضع حلولا يراها قابلة للتطبيق على أرض الواقع تبدأ بالنظر لأصل المشكلة والقضاء على العشوائية والسيطرة على طرق التهرب من تسجيل الوحدات السكنية والأراضى والمحلات، ويرى ان الامر يحتاج اولا لإدارة نظم المعلومات الجغرافية لعمل خريطة محدثة بكافة الوحدات السكنية والأراضى والمحلات فى مصر، ثم دعوة المواطنين للتسجيل خلال فترة محددة، يتم بعدها محاسبة المتهرب، ويقترح أن يتم تخفيض رسوم التسجيل على الرغم من انه سيكلف الدولة خسارة لجزء من دخلها، ولكنها ستعوض ذلك على المدى البعيد، والهدف من ذلك تشجيع كل مواطن مصرى ان يسجل ما بحوزته ويمتلك عنه سند ملكية، فتلك الخسارة لا تقارن بالفرص الضائعة الناتجة عن عدم وجود حصر دقيق أو إحصائيات بالملكيات للثروة العقارية فى مصر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق