رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
السيد يسين مُنصفًا

قرأت رواية (القرية الظالمة) لمحمد كامل حسين، الذى ذُكر فى اجتهادات الأمس، عندما أعطانى أستاذنا الراحل السيد يسين نسخة منها. كان الراحل الكبير قد ترك عام 1994 إدارة مركز الدراسات بالأهرام، وتفرغ للقراءة والكتابة. وأصبح فى إمكان تلاميذه أن يقضوا وقتًا أطول معه بعيدًا عن الطابع الرسمى للعلاقة بين مدير ومن يعملون معه.

وكنتُ ألتقيه يوم الأحد من كل أسبوع بشكل منتظم، وفى أوقات أخرى أحيانًا. ناقشنا الكثير من القضايا الثقافية والمعرفية، وكان لنا اهتمام مشترك بعلم اجتماع الأدب الذى كان له الفضل فى حفزى وبعض زملائنا لطرق أبوابه. وذات يوم، اتصل بى وطلب أن نلتقى فى اليوم التالى. وعندما ذهبتُ إليه، وجدتُه منزعجًا بسبب مقالة فى إحدى الصحف اتهم كاتبها د. كامل حسين بأنه كتب رواية (قرية ظالمة) ترويجًا لسلام مع إسرائيل من نوع الاستسلام للعدو.

وطلب منى أن أقرأ الرواية، ثم أناقش معه فكرتها الجوهرية، أو الرسالة المتضمنة بها. وعندما قرأتها تبين لى مدى الظلم الذى يتعرض له مؤلف (قرية ظالمة) عندما يطلع عليها من لا يستطيع استيعابها، ثم يُفتى فيما لا يعرفه.

فما أبعدها فكرة الرواية عن الصراع العربى-الصهيونى، فهى رواية فلسفية تُعنى فى الأساس بقضية العدل والظلم، وليس السلام والحرب بخلاف ما قد يوحى به سياقها وأحداثها التى تدور فى أيام السيد المسيح الأخرى0 ويثير مؤلفها من خلال حوارات فلسفية قضية الظلم الفادح الذى لحق برجل حمل رسالة إلهية تحث على الإيمان والعدل والمحبة، وتدعو إلى إبقاء الضمير يقظًا ليكون ميزانًا لعمل الإنسان.

ومن الطبيعى أن يكون السلام جزءًا فى هذه الرسالة، التى يبقى محورها هو التنبيه إلى فداحة الظلم، وكيف أن الظالم يظلم نفسه أيضًا، كما كان الحال فى القرية التى ظلم أهلها من بشرهم بأن محبة الناس هى التى تجعل للحياة قيمة، وأن خدمة الآخرين هى ما يسمو بالإنسان.

لقد عبر كامل حسين بطريقة عميقة عن معنى أن الظلم ظلمات، وهو ما آمن به السيد يسين الذى قدم فى حياته وكتاباته نموذجًا لمعنى الإنصاف.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: