رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كل يوم
صناعة القرار.. وقهر المستحيل!

فى أوقات الأزمات تحتاج الأوطان إلى حسابات خاصة تسبق صناعة القرار الذى يتوجب عليها اتخاذه حتى يمكنها بناء جسور العبور الآمنة صوب الأهداف والمقاصد المشروعة بعد أن تستكشف المسارات وتحطم العقبات وتزيح الشكوك والظنون.

فى أوقات الأزمات تحتاج الأوطان إلى أعلى درجات الصدق مع النفس لتجنب الانزلاق نحو الخيالات والأوهام التى تدور فى أذهان المزايدين والمغامرين من محترفى التعاطى السياسى بمنهج دغدغة المشاعر دون التحسب للمخاطر التى تفرض على الأوطان فى أوقات الأزمات ما هو أكثر من الحسابات الأكاديمية فى العلوم السياسية.

إن جمال عبدالناصر مثلا لم تخدمه مظاهرات التأييد العارمة فى 9 و 10 يونيو عام 1967 لكى يجارى موجة الانفعال العاطفى والصراخ الهستيرى فى طول وعرض البلاد رفضا لقرار التنحى بقرارات انفعالية تدغدغ المشاعر وإنما ذهب فى اليوم التالى مباشرة إلى خطة عمل علمية مدروسة لإعادة بناء القوات المسلحة على أسس جديدة تتناسب مع ضرورات إنفاذ خطة متدرجة توازن بين تأكيد رفض الهزيمة وبين عدم الانزلاق إلى معركة شاملة قبل الأوان ومن ثم كانت مرحلة بناء أول خط دفاعى على طول جبهة القناة ثم مرحلة الصمود ثم مرحلة الدفاع النشط ثم إعلان حرب الاستنزاف لتكون أهم برامج الإعداد النفسى والقتالى قبل الذهاب إلى ساعة الصفر الحاسمة وكان مسك الختام لحرب الاستنزاف بتحريك حائط الصواريخ مع لحظة بدء وقف إطلاق النار فى 8 أغسطس عام 1970 هو الخطوة الأخيرة لأهم استعدادات العبور العظيم ضد أسطورة التفوق الجوى لإسرائيل.

وأيضا فإن أنور السادات تحمل ما هو فوق طاقة البشر من انتقادات بلغت ذروتها عامى 1971 و 1972 نتيجة السكون التام على الجبهة فى ظل ترتيبات وقف إطلاق النار منذ 8 أغسطس عام 1970 وواصل السادات فى صمت تام وتحت أرفع درجات السرية والخداع التحضير للعبور المجيد الذى شكل مفاجأة استراتيجية فى نظر العالم كله ظهر يوم 6 أكتوبر عام 1973.. وللأمانة فإن هذه المفاجأة الاستراتيجية لم تدر بخلد أحد عدوا كان أم صديقا فى ذلك الوقت.

وفى المرتين كان ما فعله عبدالناصر لتجاوز محنة النكسة عام 1967 بإعادة البناء واستعادة الثقة وكذلك ما فعله السادات بتحمل الانتقادات التى صاحبت صمت المدافع على طول جبهة القناة لأكثر من عامين.. فى المرتين كانت مصر عنوانا للصدق مع النفس ورغم اختلاف التفاصيل فإن تجربة عبدالناصر وتجربة السادات شكلتا نموذجا فريدا لقدرة مصر على قهر المستحيل.

وظنى أن مصر ستظل دائما صادقة مع نفسها وقادرة عند الضرورة على قهر المستحيل!

خير الكلام:

<< مهما كانت الزهور جميلة فإنها لا تخلو من الأشواك!

[email protected]
لمزيد من مقالات مرسى عطا الله

رابط دائم: