نحن لا نستبعد الحرب كخيار أخير إذا سدت أمامنا كل السبل المتاحة لتفادى الصدام المسلح بشأن أى أزمة تهدد الوجود أو تمس السيادة ولكننا فى ذات الوقت نفتح قلوبنا وعقولنا لدعم الحلول السلمية من خلال المفاوضات التى لا تخضع للضغوط والمساومات!
إن كل فدان من الأراضى المستصلحة يضاف إلى الرقعة الزراعية فى مصر يمثل طلقة فعالة فى الحرب الدائرة منذ سنوات بشأن أزمة السد الإثيوبى والتى تتوالى فصولها دون قنابل تنفجر ودون ضحايا تسيل دماؤهم على الأرض.
رؤيتنا للحرب تختلف كثيرا عن رؤية غيرنا فنحن نؤمن عن يقين أن الطلقات الصامتة فى معركة البناء هى المعركة الحقيقية التى نحتشد لها من أجل تغيير وجه الحياة على أرض الوطن.
إن مصر ترى فى كل مشروع زراعى أو صناعى يجاوره العدد الكافى من المدارس والمستشفيات ومؤسسات الخدمات الاجتماعية وبما يوفره ذلك من فرص عمل جديدة هو المعركة الحقيقية لبناء القوة الذاتية التى لا غنى عنها إذا اضطرتنا مغامرات أو أطماع البعض للذهاب إلى الصدام المسلح.
لقد جاء الوقت الذى يجب أن نحدد فيه نظريتنا تجاه أى صراع يتحتم علينا مواجهته ودرء خطره والحمد لله أننا نجحنا إلى حد كبير فى وضع المجتمع الدولى فى الصورة الكاملة إزاء التعنت الإثيوبى فى أزمة السد بدرجة تقرب من أن تكون بمثابة عدوان على الحقوق القانونية والتاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل.
لقد عشنا فى مصر تجارب عديدة مماثلة وفرت لنا خبرة فى التعامل المتدرج مع مراحل أى صراع وما نعيشه اليوم بشأن أزمة السد صورة تكاد أن تتماثل مع ما واجهناه فى معركة إجلاء البريطانيين عن مصر ومعركة تحرير كل شبر فى أرض سيناء بالصدام المسلح وبالمفاوضات السياسية وبالتحكيم الدولى ومن ثم فإنه لا ينبغى أن يخالجنا أى شك فى قدرة القيادة السياسية على استخدام كل الأوراق والخيارات الضرورية لحماية الحقوق الوطنية... وظنى أن القيادة السياسية أكثر من يستطيع أن يفهم الأزمة وأن يوليها الاهتمام الواجب!
وكما أن الحرب الخشنة ليست هى الشكل الأوحد لحسم أى صراع فإن للحروب أنماط متعددة بعضها ظاهر وأغلبها خفى.. ومن حسن الحظ أننا ندرك جيدا أننا نعيش فى عصر لا يحترم سوى الأقوياء الذين يملكون القدرة على إثبات جدارتهم بالدفاع عن حقوقهم بكل السبل المتاحة وبالفهم الصحيح لأوضاع العالم وموازينه!
وقد أصبحنا على بعد خطوات قليلة من مفترق طرق لابد عندها من اختيار الطريق الصحيح!
خير الكلام:
<< دعك من القيل والقال..من يضحك أخيرا يضحك كثيرا!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: