فى مصر عقيدة سياسية راسخة لا تتأثر ولا تهتز مهما اشتدت عواصف الخلافات فى العالم العربى، وكان لمصر رأى ثابت – قبل وبعد ثورة يوليو 1952 - فى أن كل شعب من شعوب هذه الأمة العريقة ينبغى احترام حقه فى اختيار نظام الحكم الذى يلائمه ومن ثم يجب امتناع كل دولة عربية عن التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة عربية أخرى، حتى يمكن الاطمئنان لعلاقات عربية مستقرة.
ويشهد التاريخ – البعيد والقريب – على أنه فى ذروة احتدام الخلافات العربية خلال سنوات المد الثورى فى الخمسينيات التى اكتسبت فيها الخلافات صبغة عقائدية وكذلك خلال سنوات المقاطعة العربية لمصر عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979 لم تسمح مصر لهذه الخلافات بأن تكون عائقا أمام حرصها على استمرار التعاون الكامل مع أشقائها العرب، سعيا إلى تحسين وتطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وليس سرا أن الانتفاضة الكبرى للمصريين فى ثورة 30 يونيو عام 2013 لم تكن بدوافع مصرية فقط وإنما كانت أيضا استشعارا لحجم الأخطار والتحديات التى تهدد الأمة العربية كلها، تحت تأثير عواصف الفوضى التى ضربت الإقليم بأكمله، وتحت ستار الشعارات الزائفة والرايات المضللة باسم الربيع المزعوم!
وإذا كانت الأمة العربية قد واجهت بسبب عواصف الفوضى التى ضربت أقطارا عديدة - لم تسلم منها مصر أيضا - فإن مصر لم تقبل بالدعوات المغرضة للانكفاء على النفس والذات وإيثار المصلحة الذاتية وإنما عملت وبكل صدق لكى لا تسمح لإفرازات الصراع الفوضوى الذى نشب أظافره فى جسد الأمة أن تزيد من قدرة قوى التشكيك على إنجاح مخططها الخبيث والادعاء بعدم صحة وسلامة المنطلقات التى تقوم عليها ضرورات التضامن العربي... والحمد لله أن الجهد الرهيب لمصر لم يذهب فى الهواء، لينتصر العقل والمنطق فى نهاية المطاف وتستعيد الأمة مجددا الحد الأدنى من الأوضاع السليمة للعمل العربى المشترك، حتى تكون للأمة أدوات القدرة اللازمة للتأثير على الأحداث والقضايا الإقليمية والدولية.
ويقينا فإنه لن يخيب ظن مصر ولا رهانها على أنه كلما اشتدت حدة الأزمات التى تهدد الأمة العربية برز بشدة عنوان التضامن فى المواقف ولو بغير تنسيق!
وظنى أن ما حدث فى الاجتماع التشاورى الطارئ لوزراء الخارجية العرب هو خير شاهد على رسوخ العقيدة وصحة الرهان فى كراسة السياسة المصرية!
خير الكلام:
<< اجتماع السواعد يبنى الأوطان واجتماع القلوب يخفف المحن!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: