غداة يوم وفاة زوجها ماهر، متأثرا بوباء كورونا اللعين، وبعد أن انفض العزاء المحدود ...أخذت زوجته الحزينة سامية تلملم أوراق زوجها الراحل بعد زواج دام أكثر من أربعين عاما. كانت المرة الأولى فى حياتها التى تفتش فيها محفظته القديمة العتيقة... وفى ثنايا المحفظة وجدت وريقة صغيرة متهالكة و لكنها مقروءة جيدا.، وتذكرتها وهى مذهولة! ماذا كان فى تلك الوريقة؟ كانت فيها العبارة التالية (ش 46 فيللا 3 ...سوف أنتظرك غدا الساعة 11 صباحا فى السنترال فى شارع المديرية إن أمكن. ماهر حمزة) . إنها الوريقة التى سبق أن أرسلها إليها الشاب الوسيم ماهر ... بعد أن رآها وهى تقضى إجازة الصيف مع أسرتها، وأعجب بها من النظرة الأولى، وتابعها ، ليعرف فى أى «عشة» تسكن هى فى المصيف الجميل العريق، رأس البر. فأرسل إليها تلك الرسالة القصيرة، وكان التعارف والحب ثم الزواج. ليست هذه قصة فى فيلم سينمائى، أو مسلسل تليفزيونى ولكنها قصة حقيقية عرفتها بعد وفاة المحاسب ماهر حمزة شقيق زوجتى، والذى كان نموذجا للبراءة ودماثة الخلق. إن ما أثار اهتمامى، وما توقفت عنده كثيرا، هو حرص ماهر على أن يسترجع من حبيبته سامية بهدوء، تلك الوريقة، ولا يرميها أبدا، منذ عام 1978، أى قبل ثلاثة وأربعين عاما. وفى الحقيقة فإن حياة ماهر وسامية مثلت لى نموذجا لملايين القصص الجميلة للحياة الزوجية الهانئة، للناس العاديين، التى تحميها وتحفظها مشاعر الحب الصادقة الدائمة. حقا، إننا نقرأ فى كتب التاريخ والأدب حكايات الحب الشهيرة بين أنطونيو وكليوباترا، وروميو وجولييت، وقيس وليلى، ونابليون وجوزفين ...ونعرف حكاية الملك إدوارد الثامن الذى تنازل عن العرش من أجل زواجه من ليدى سيمبسون...إلخ من مئات قصص الحب الشهيرة، ولكنها فى الحقيقة، وسواء بين الملوك والأباطرة أو بين الملايين من الناس العاديين ...هى هى، وليس ذلك غريبا أبدا، فالحب هو أجمل مافى الحياة، بل هو الحياة!
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: