رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حرة
العودة إلى الماضى

أمام سجن كورونا والليالى الطويلة الموحشة والأعداد الرهيبة من البشر الذين يجلسون الساعات بلا كلام أو حوار أو سؤال بدأ الإنسان يفتش فى أوراقه القديمة وبدأ شريط الذكريات يعود للوراء وبدأ القلب يخفق ويستعيد صور أشخاص أحببناهم وأماكن أسعدتنا وأياما أخذت جانبا من ذكرياتنا وارتاحت فيه.. فى وحشة السجن تعود إلى الماضى لعلك تجد فيه ما يجعلك تقاوم أشباح الخوف التى تحاصرك ليل نهار.. فى سجن كورونا أنت وحيد حتى لو كان حولك آلاف البشر أنت لا ترى أحداً ولا تسمع أحداً لقد تلاشت كل الحكايات فى عالم رهيب من الصمت ومع الوقت يعتاد السجين أن يعيش مع نفسه.. انه ينسى كل الأشياء حوله وينتقل بكل مشاعره إلى الماضى يقلب ألبومات الصور فى الأماكن والبشر.. انه يتذكر المدن التى زارها والشوارع التى سكنها والبيوت التى أحبها.. انه وسط كل هذا الزحام لا يستطيع أن يسافر إلى بلد أحبه أو يقابل أشخاصا فرقت بينهم الأيام.. إن أصعب الأشياء أن ينفصل الحاضر والماضى فى حياة الإنسان وفى سجن كورونا تحن إلى الماضى لأن الحاضر فراغ فى فراغ.. أمام وحشة الأيام أستعيد صور من أحببت وأتذكر ساعات من الرضا والصفاء وأتمنى لو أن الزمان رجع بى قليلا للوراء وعشت مع أغنية جميلة أو لقاء خارج حدود الزمن أو رفقة أحباب لا اعرف لهم أرضا ولا مكانا.. أسوأ أنواع الوحدة أن تكون وسط حشود من البشر ولا تراهم أو أن تجد نفسك غارقا فى صور الماضى ولا تستطيع أن تستعيد منه شيئا.. إن ملايين البشر الذين سجنتهم كورونا ما بين المرض والسجن والغربة سوف يكتبون يوما كانت أيام السجن ارحم كثيرا من حماقات البشر.. إن أصعب ما فى سجن كورونا انك دخلت فيه بقرار منك ولم ترتكب جريمة أو خضعت لحكم قضائى ولكنك نفذت حكما إلهيا ربما كان عقابا أو تأديبا أو إصلاحاً المهم أن نستوعب الدرس.. ربما كانت هذه هى المرة الأولى فى حياة هذه الأجيال أن تخضع لحكم إلهى يسرى على العالم كله..

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: