يخطيء من يظن أن انشغال مصر بأزمة السد الإثيوبي وقف حائلا دون استخدام الحق وتأدية الواجب من جانب الدولة المصرية في المضي قدما نحو وضع استراتيجية متوسطة المدي لتنمية وإدارة الموارد المائية لتلبية الاحتياجات الضرورية للتوسع الزراعي المنشود, وتغطية ما تفرضه الزيادة السكانية من أعباء إضافية لتلبية خدمات مياه الشرب النقية التي يجري العمل علي مد خطوطها لتغطي كل قري ونجوع مصر من أقصاها إلي أقصاها في إطار البرنامج الطموح للرئيس السيسي الذي يحمل عنوانا كاشفا تحت لافتة «حياة كريمة».
وقد أحسن الزميل أحمد السيد النجار كباحث وخبير اقتصادي مرموق في رصد هذه الرؤية الاستراتيجية لمصر من خلال أحدث كتاب صدر له تحت عنوان «نهر النيل.. الحقوق والصراع المصري الإثيوبى» حيث أعطي اهتماما ملحوظا لما نشره الموقع الإلكتروني لوزارة الموارد المائية والري بعنوان «استراتيجية مصر لتنمية وإدارة الموارد المائية حتي عام 2050» وقال النجار إن هذه الاستراتيجية المنشورة في يناير عام 2021 ترتكز إلي أربعة محاور هي تنمية الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية وترشيد الاستخدامات المائية وتعظيم العائد منها وتحسين نوعية المياه ومواجهة تلوث الموارد المائية وتهيئة البيئة الملائمة للإدارة المتكاملة للموارد المائية.
وفي شرح مدقق للورقة المصرية لسياسات تنمية الموارد المائية يرصد المؤلف أهم مرتكزات تلك السياسات وفي مقدمتها اعتبار الحصة الراهنة من مياه النيل خطا أحمر مع التأكيد علي أهمية التعاون مع دول حوض النيل في مشروعات تستقطب الفواقد المائية في حوض النهر كما ترتكز تلك السياسات علي استخدام المياه الجوفية في الوادي والدلتا وخزان الحجر النوبي مع استخدام الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية في تنمية واستخراج المياه الجوفية بالصورة التي تقيها خطر التملح، فضلا عن أهمية التوسع في حصاد الأمطار والسيول!
وكثير وكثير من التفاصيل والأطروحات الواردة في الورقة المصرية لتنمية الموارد المائية تؤكد أن الدولة المصرية تتحسب جيدا للمستقبل ولا تشغلها تحديات اللحظة الراهنة عن رؤية الغد وآفاقه الرحبة برؤى علمية عميقة ترتفع إلي مستوي الحلم والطموح لشعب يتطلع إلي حماية حقوقه المشروعة تاريخيا وقانونيا بالتوازي مع حماية حقوقه المشروعة في زيادة موارده المائية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة في المستقبل.
وبمقدوري أن أقول: إن التعامل الهادئ والرزين لمصر مع مجمل التحديات الراهنة، وفي مقدمتها أزمة السد الإثيوبي يؤكد الحقيقة التي لا تقبل الشك في أن مصر تعرف ما تريد وأيضا تعرف كيف تحقق بأقصى درجات الأمان كل ما تطمح إليه حاضرا ومستقبلا!
والشكر والتحية لكل من أسهم في رسم وصياغة هذه الاستراتيجية!
خير الكلام:
<< لا تجعل العوائق توقف مسيرتك لأن الفارق بين الممكن والمستحيل يتوقف علي العزيمة والإصرار!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: