هذه نقطة ضوء وسط ظلام دامس.. أتحدث عن صورة إنسانية فريدة تستحق متابعة دقيقة وتستوجب سباقا بين الكاميرات والميكروفونات من أجل إحاطة الرأى العام العالمى بمعطيات كثيرة غائبة حول الصراع الفلسطينى الإسرائيلى المعقد إلى درجة غريبة فلربما تكون لمثل هذه القصة الإنسانية آثار إيجابية تساعد على خفض حدة الحزازات والعدوات المترسبة فى النفوس عبر أجيال.
هذه نقطة ضوء تتحدى الدمار والخراب وترتفع فوق الآلام والجراح وتطل بوجهها الإنسانى مرتفعة فوق كل النزعات العنصرية البغيضة وقيمتها وقوتها تتمثل فى أنها قصة واقعية حية جرى التعتيم عليها داخل إسرائيل للأسف الشديد باستثناء ما نشره موقع «تايمز أوف إسرائيل» وكشف فيه النقاب عن إنسانية أسرة فلسطينية فى بلدة أم الفحم الواقعة ضمن مدن وقرى الخط الأخضر داخل الدولة العبرية.
الخبر يقول باختصار: إن الشهيد الفلسطينى الشاب محمد كيوان الذى لقى وجه ربه يوم الخميس 20 مايو إثر إصابته بطلق نارى فى الرأس من شرطة الاحتلال الإسرائيلى خلال تفريقها لمظاهرة تضامنية ضد العدوان الإسرائيلى فى غزة قد قامت أسرته بمبادرة كريمة بإعلان تبرعها بأعضائه للمساهمة فى إنقاذ حياة آخرين مسترشدة فى ذلك بقوله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة المائدة:».. أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ».
وطبقا لما نشره الموقع الإسرائيلى فإن خمسة إسرائيليين قد تم إنقاذ حياتهم بأعضاء البطل الشهيد إلى جانب طفل عربى واحد فقد نقلت الرئتان لامرأة إسرائيلية ونقلت الكليتان لفتاتين إسرائيليتين بواقع كلية لكل فتاة واستفاد إسرائيلى آخر بقلب الشهيد فى حين جرى نقل فص الكبد لطفل عربى وباقى الكبد حصل عليه مسن إسرائيلى عجوز.
أى إنسانية فى جوف هذا الشعب الفلسطينى المسلوبة حقوقه ومع ذلك لم تكن روعة الإنسانية فى قيمة وتوقيت هذا التبرع الأسطورى وإنما العظمة والروعة جسدتها كلمات صادقة قالها والد الشهيد الفلسطيني: « صحيح إن ابنى مات لكننى أريد أن يعيش الآخرون».. وللأسف الشديد فإن نتنياهو لم يفهم جيدا رسالة الأب الفلسطينى وواصل سياسة البطش بالفلسطينيين لكسب رضاء المتطرفين ولكن خاب ظنه وتخلى عنه المتطرفون وباعه أقرب حلفائه من اليمين الإسرائيلي.
شكرا للدكتور عبد المنعم بدوى عبد الوهاب الذى نبهنى إلى تلك الواقعة وحثنى على التحقق منها واستكمال جوانبها السياسية والإنسانية الرفيعة... بينما تبدو إسرائيل على أعتاب انقلاب سياسى يطيح بنتنياهو بعد 12 عاما من احتكاره لمقعد رئيس الحكومة لتنقلب الحسابات السياسية فى إسرائيل رأسا على عقب!
خير الكلام:
<< منبر الإنسانية قلبها الصامت لا عقلها الثرثار!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: