مجرد رأى
دفعة الخايبين

كنت فى سنة الثانوية العامة عندما أريد التسلية أقوم بحل مسائل الهندسة وحساب المثلثات مما حقق لى الدرجة النهائية فى الرياضيات فى امتحان التوجيهية كما كان الاسم قديما . ولكن فى المقابل كانت مشكلتى مع الكيمياء والأحياء بل واللغة العربية مما كانت نتيجته حصولى على مجموع لا أنساه وهو 55 فى المئة . ولم يكن هناك مكتب تنسيق نذهب إليه ليتولى تحديد مصير المجموع بل كان علينا أن ندور على كل كلية ونترك فى مكتب مسجلها صورة من أوراق النتيجة وتتولى حصر المتقدمين وقيد العدد المطلوب وشطب الباقى.

ولأن أخى رحمه الله كان يتمنى أن أحقق حلمه بأن أكون طبيبا تأثرا بصديقه الدكتور الشهير إسماعيل محرز والذى أطلق اسمه على أكبر أولاده المرحوم إسماعيل ، فقد ذهبت بورقى إلى كلية الطب ووقفت أمام مكتب المسجل الذى كان يتناول الغداء وسألنى بالإشارة وهو فى مكانه عن مجموعى وعندما أشرت له بدائرتين أى 55% أشار لى باحتقار شديد أن أختفى عن نظره .

مضى أغسطس وسبتمبر ولم أجد كلية أذهب إليها وفجأة قبل بداية العام الدراسى جاء قرار الدكتور طه حسين وزير التعليم بإنشاء جامعة إبراهيم باشا ( عين شمس حاليا ) وأصبحت أمام خيار دخول الحقوق أو التجارة أو الآداب فدخلت الحقوق وأطلقت على زملاء الدفعة دفعة الخايبين لأننا جميعا كنا سقط متاع الثانوية العامة وليس بيننا من يمكنه ادعاء مجموع كبير . تخرجت دفعة الخايبين وكان منها الوزير مصطفى السعيد والمستشار محمود بهى الدين محافظ دمياط الأسبق والسفير إيهاب المنياوى والفنانون سعيد عبد الغنى وكرم مطاوع وسعد أردش والصحفيون إبراهيم نافع ومحمد وجدى قنديل رئيس تحرير آخر ساعة وأنا وعلا بركات أجمل الأصوات التى عرفتها الإذاعة . وغير أصحاب هذه الأسماء كثيرون من الذين لمعوا فى وظائف كثيرة وأصبحت ألتقيهم بحب وفرحة . النجاح أو الفشل فى الحياة ليس مرتبطا بمجموع ، فكثيرون فشلوا فى المجموع لكن الحياة كان لها رأى آخر !.